أخبار عاجلة
أمطار خفيفة ورياح على قرى ومراكز الشرقية -

نور الدين: "الصحراء الشرقية" مغربية .. والوثائق التاريخية تبرز الحقيقة

نور الدين: "الصحراء الشرقية" مغربية .. والوثائق التاريخية تبرز الحقيقة
نور الدين: "الصحراء الشرقية" مغربية .. والوثائق التاريخية تبرز الحقيقة

كشف أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية والمتخصص في ملف الصحراء، عن حقائق صادمة حول الصحراء الشرقية المغربية، مؤكدا أن هذه المنطقة، التي تمتد على مساحة 1.5 مليون كيلومتر مربع، كانت جزءا لا يتجزأ من المغرب قبل أن تقتطعها فرنسا الاستعمارية، مشيرا إلى وجود آلاف الوثائق في الخزانة الملكية بالرباط، إضافة إلى سجلات فرنسية، تثبت السيادة المغربية على هذه الأراضي، بما في ذلك تعيينات الموظفين ومراسلات السلطان وسجلات الضرائب.

وحذر أحمد نورالدين، في هذا الحوار مع هسبريس، من أن قضية الصحراء الشرقية تمثل تحديا جيوسياسيا كبيرا للمغرب، مشيرا إلى أن توسع الجزائر الفرنسية من 500 ألف كيلومتر مربع في 1905 إلى 2.3 مليون كيلومتر مربع عند الاستقلال كان على حساب الأراضي المغربية، وداعيا إلى ضرورة إعادة فتح ملف الحدود، مستندا إلى اتفاقية 1972 التي تضمنت بنودا يمكن استغلالها قانونيا، وإلى أن الحدود ليست ثابتة؛ كما استشهد بإعادة توحيد ألمانيا، ودعا إلى مواصلة الجهود الدبلوماسية والقانونية لاسترجاع ما اعتبره حقا تاريخيا للمغرب.

نص الحوار :

ما مدى صحة الوثائق التاريخية التي تثبت سيادة المغرب على مناطق توات وتيديكلت وقورارة قبل الاستعمار الفرنسي؟

الصحراء الشرقية منطقة شاسعة جدا تفوق مساحة المغرب الحالية بمرتين تقريبا، أي حوالي 1.5 مليون كيلومتر مربع، وتضم مناطق تمتد من بشار وتندوف وكرزاز إلى أدرار وعين صالح ومناطق أخرى، والوثائق التي تثبت ذلك تعد بالمئات إن لم نقل الآلاف، وهي ترقى إلى درجة التواتر لكثرتها. ونحن نعتمد أولا وقبل كل شيء على الوثائق التي تتوفر عليها الخزانة الملكية بالرباط، التي تتناول تعيين العمال والباشوات والقادة والقضاة من ممثلي السلطة المخزنية وشيوخ الزوايا، كما تتضمن مراسلات السلطان مع ممثليه في تلك الأقاليم.

ونجد أيضا وثائق تتعلق بالضرائب التي كان يدفعها سكان تلك الأقاليم كأفراد أو كقبائل للسلطة المخزنية، وكل هذه الوثائق تمثل أسانيد شرعية وقانونية لبسط سيادة المغرب على أقاليم الساورة وتوات وكورارا وتدكلت وغيرها من ربوع الصحراء الشرقية.

وإلى جانب هذه الوثائق الرسمية أو الحكومية بتعبيرنا المعاصر هناك آلاف الوثائق الخاصة التي تتضمن عقود زواج وعقود إراثة وأحكام قضاء في منازعات بين القبائل أو الأفراد، وكلها عقود وأحكام كانت تصدر باسم سلطان المغرب.

وفي المرتبة الثانية تأتي الوثائق والمراسلات التي دونها ممثلو السلطات الفرنسية بعد احتلالها الصحراء الشرقية، التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك سيادة المغرب على الصحراء الشرقية، ومنها كتاب أربعة قرون من تاريخ المغرب في الصحراء الشرقية الذي ألفه ضابط فرنسي. وهناك طبعا الأرشيف الذي رفعت عنه السرية ويشهد على كيفية اقتطاع الأراضي المغربية وضمها إلى الجزائر الفرنسية ما بين 1881 و1907، وهناك مناطق ظلت تابعة للمغرب إلى غاية 1952، مثل تندوف.

كيف يمكن تقييم دور معاهدة لالة مغنية سنة 1845 في تغيير الخريطة الجيوسياسية للمنطقة؟

معاهدة للامغنية سنة 1845 وقعت كما هو معلوم بعد هزيمة الجيش المغربي في معركة إسلي قرب مدينة وجدة. وكما هو معروف فإن تلك المعركة وقعت بسبب دعم المغرب الأمير عبد القادر في مواجهة الاحتلال الفرنسي للجزائر الذي بدأ سنة 1830.

وقد دفع المغرب الثمن غاليا ليس فقط من أرواح أبنائه الذين سقطوا في ساحة الشرف دفاعا عن الجزائر ضد فرنسا، ولكن باقتطاع أجزاء شاسعة منه وضمها إلى الجزائر الفرنسية، نتيجة اختلال ميزان القوى لصالح فرنسا التي كانت أكبر قوة عسكرية في أوربا، مقابل المغرب الذي كان دخل في مرحلة الضعف والتفكك منذ عشرات السنين لأسباب داخلية وأخرى خارجية.

فاستغل المفاوض الفرنسي هذا الضعف وهذه الهزيمة لفرض شروطه وإملاء بنود الاتفاقية التي تضمنت ثغرات خطيرة، خاصة في ما يتعلق برسم الحدود الشرقية للمملكة من السعيدية إلى ثنية الساسي، ثم إلى فكيك، وتركت كل الجنوب المغربي دون تحديد، مبررة ذلك بأنها مناطق خالية، وهو غير صحيح طبعا، أو لأن الأراضي المغربية جنوب فكيك كانت تتنقل فيها قبائل البدو بحثا عن الكلأ، ولذلك وجب، حسب زعمها، أن تترك دون تحديد.

وهذا هو المدخل، أو مسمار جحا، الذي استغلته فرنسا لتتوسع جنوب فكيك باتجاه كرزاز وبشار والعبادلة وبني عباس وإكلي وصولا إلى كل أقاليم الصحراء الشرقية، بل وتوسعت بخط قطري (diagonale) باتجاه المحيط الأطلسي. ويمكنكم ملاحظة ذلك بإلقاء نظرة بسيطة على الخارطة، لأنها كانت تخطط للوصول إلى الساحل الأطلسي.

وهذا التوغل في التراب المغربي في وقت كانت السلطة المخزنية تعيش حالة من الضعف الشديد، فالخزينة كانت شبه فارغة وعاجزة عن تمويل حملات عسكرية ضد فرنسا، هو ما سيحدث فعلا منعطفا في الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، ومازلنا نعاني إلى اليوم من تبعاته الكارثية على المغرب ووحدة أراضيه.

ما هي الأسباب التي دفعت فرنسا إلى إلحاق هذه المناطق بالجزائر وليس بالمغرب؟

فرنسا كانت تعتبر الجزائر جزءا من الأراضي الفرنسية ولم تكن مجرد مستعمرة، لذلك تلاحظون كيف وسعت رقعتها الجغرافية بما يقارب خمس مرات، فإذا رجعتم مثلا إلى قاموس “لاروس الفرنسي” لسنة 1905 ستجدون أنه يحدد مساحة الجزائر الفرنسية بما قدره 500 ألف كيلومتر مربع (نصف مليون)، بينما تلاحظون أن مساحة الجزائر الفرنسية عند خروج الاستعمار الفرنسي كانت تقدر بحوالي 2.3 مليون كيلومتر مربع.

وقامت فرنسا بهذا التوسع على حساب أراضي المغرب، اعتقادا منها أن الجزائر ستبقى أرضا فرنسية إلى الأبد، بينما المغرب كان دولة قائمة الذات قبل وبعد توقيع اتفاقية الحماية، وكان عليها إضعاف الإمبراطورية الشريفة، وهو الاسم الرسمي للمغرب آنذاك، حتى لا يشكل خطرا على الوجود الفرنسي من جديد.

كيف يمكن تفسير وجود العملة المغربية في هذه المناطق من منظور تاريخي واقتصادي؟

العملة كما تعلمون هي أحد رموز السيادة لكل الدول، وهي أحد الأدلة على بسط نفوذ المغرب على الصحراء الشرقية وعلى مناطق أخرى من الجزائر الحالية، وهذا ما تثبته الأبحاث الأركيولوجية التي لم تعثر على عملة جزائرية غير العملة المغربية، وهي الآن معروضة في متاحف الجزائر من تلمسان إلى الجزائر العاصمة.

وهذا دليل على أن الجزائر كانت تابعة للمغرب، ليس في عهد المرابطين والموحدين فقط، بل في عهد العلويين أيضا، مرورا بباقي الأسر التي حكمت المغرب.

كيف يمكن تحليل نظام جباية الضرائب للمخزن المغربي في هذه المناطق كدليل على السيادة المغربية؟

كما قلت في الجواب عن الأسئلة السابقة فإن جباية الضرائب إلى جانب العملة وإلى جانب تعيين العمال والقضاة والقادة من أركان سيادة الدولة على إقليم من الأقاليم في القانون الدولي.

كما تشكل البيعة الشرعية، والدعاء للسلطان في الجمعة والأعياد، أركانا إضافية للسيادة من وجهة نظر القانون الدولي الإسلامي.

وكل هذه الأركان، بالإضافة إلى الوثائق العدلية، من عقود زواج وإراثة، وعقود ملكية الأرض والبيوع، وأحكام القضاء، وتعيين شيوخ الزوايا باسم السلطان، أدلة ساطعة على سيادة المغرب على الصحراء الشرقية ومناطق أخرى في الجزائر الحالية، ومنها تلمسان التي مازالت وثيقة البيعة الشرعية لأهلها موثقة محفوظة في الخزانة الملكية بالرباط.

ما مدى تأثير اتفاقية 1901-1902 على العلاقات المغربية الفرنسية؟

هذه الاتفاقيات أو البروتوكولات أعطت الحق للمغاربة الذين توجد أراضيهم وممتلكاتهم خلف الحدود التي فرضتها فرنسا بالقوة أن يستغلوها بكل حرية، وأن يتنقلوا دون قيود إدارية بين طرفي الحدود، وهو ما يعتبر اعترافا ضمنيا واضحا بجريمة اقتطاع أراض مغربية وضمها ظلما وعدوانا إلى الجزائر الفرنسية.

ولحسن الحظ أن كل الاتفاقيات التي وقعها المغرب مع الجزائر بعد الاستقلال تتضمن الإشارة في ديباجتها إلى هذه الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة مع فرنسا، سواء للا مغنية أو اتفاقيات وبروتوكول 1901 و1902.

وهذا يضمن من بين ما يضمنه الحقوق العينية للمواطنين المغاربة بغض النظر عن قضايا الحدود والسيادة على الأرض، وهو ما انتهكته الجزائر منذ استقلالها من خلال منع المغاربة من الوصول إلى أراضيهم، أو من خلال مصادرة ممتلكاتهم كما حصل سنة 1975 في أكبر جريمة ضد الإنسانية عرفتها المنطقة المغاربية خلال القرن العشرين، وصولا إلى اقتطاع واحة العرجا بمدينة فكيك سنة 2021 ومصادرة أراضي المزارعين، وهذه جرائم لا تسقط بالتقادم وستدفع الجزائر ثمنها عاجلا أم آجلا.

وهل للمغرب الحق في رفع دعوى لاسترجاع الصحراء الشرقية؟

استرجاع الصحراء الشرقية لن يكون بهذه البساطة، خاصة أن المغرب وقع مع الأسف اتفاقية ترسيم الحدود سنة 1972، وكان خطأ إستراتيجيا، لكن لحسن الحظ أن تلك الاتفاقية تضمنت بنودا وملحقا حول استغلال مشترك لمنجم الحديد في غارة جبيلات قرب بشار، وهذا لوحده دليل على أن تلك الأرض مغربية وإلا لماذا ستقبل الجزائر تقاسم استغلال ثرواتها المعدنية مع المغرب.

لكن ما يهمنا في هذه الاتفاقية أن الجزائر خرقت بنودها في ما يتعلق باستغلال منجم الحديد، ومعروف أن عدم احترام بند واحد من اتفاقية معينة أو معاهدة بين الدول يعتبر إلغاء للاتفاقية أو المعاهدة كلها، وهذا مدخل مهم للعودة إلى ما قبل اتفاقية 1972، والمطالبة بمراجعة ترسيم الحدود واحترام الحدود الحقة للمملكة كما يشير إلى ذلك دستور المملكة.

ومن جانب آخر يجب الاطمئنان إلى حتمية استرجاع كل شبر من أراضي المغرب إلى حضن الوطن، لأن الحدود متحركة وليست ثابتة ولا مقدسة، والدليل على ما أقوله هو ما جرى في ألمانيا الغربية التي استطاعت استعادة بلد بأكمله هو ألمانيا الشرقية رغم أن الأخيرة كانت دولة قائمة الذات وعضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة. وهناك أمثلة كثيرة على تغير الخرائط في أوروبا منذ سقوط جدار برلين سنة 1989 إلى الآن، إذ اختفت دول وظهرت أخرى، وتغيرت خارطة أوروبا بشكل جذري.

وفي هذه الوقائع التاريخية الحديثة ما يحفزنا على مواصلة العمل والتعبئة بحكمة وتأن من أجل استرجاع كامل التراب المغربي، ومن ضمنه الصحراء الشرقية، ولكن علينا العمل ثم انتظار اللحظة التاريخية المناسبة لتحقيق هذا الهدف والقيام بالوثبة الكبرى.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وكيل تعليم قنا يترأس اجتماع مديرى مدارس التعليم الثانوي الفني
التالى بيان عاجل من القوات المسلحة للرد على التعاون مع إسرائيل