قال يوسف الغريب، سيناريست مهتم بالصناعة السينمائية، إن أرقام المشاهدات التي حققها فيلم “نايضة”، لصاحبه سعيد الناصيري، على منصة تحميل الفيديوهات، لا تعكس نجاحًا حقيقيًا بقدر ما تشير إلى رغبة الجمهور في مشاهدة العمل الجديد.
وأضاف الغريب ضمن مقال معنون بـ”فيلم نايضة: هل يليق بمستوى فنان كسعيد الناصيري؟”، توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الفيلم يعاني من ضعف في معالجة القضايا الاجتماعية، كما يفتقر إلى التحليل الموضوعي ويعتمد على النقد العاطفي السطحي لدغدغة المشاعر، مشددا على أن النهاية المفاجئة بموت البطل تعكس ضعفًا في الكتابة السينمائية.
نص المقال:
رغم النجاح الذي حققه فيلم “نايضة” للفنان سعيد الناصيري، من أرقام مشاهدات تعد بالملايين، لجمهور يحب الناصيري بناء على إبداعاته السابقة التي نجحت في إضحاكنا حد البكاء، إلا أن تلك الأرقام المليونية لا تدل على النجاح بقدر ما تدل على مشاهدات من طرف جمهور أراد مشاهدة عمل سعيد النصيري الجديد، لا أقل ولا أكثر، كما أن يوتيوب قد نجد به أرقاما مليونية لفيديوات “روتيني اليومي” التي لا تدل على نجاح ذلك المحتوى أيضا بقدر ما تدل على أن هناك خللا في اختيار المحتوى الذي يجب مشاهدته بسبب انحدار الوعي الجماعي.
نرى في فيلم “نايضة” أنه يتطرق لموضوع مشاكل اجتماعية مطروحة في البلد بعين ناقد فاشل، يركن في أحد زوايا المقهى ولا يرقى لدرجة الوعي لتحليل المواضيع التي يتطرق إليها بشكل موضوعي، وأنه إنسان ساخط عن الوضع يتحدث بعاطفته عن أفراد عاجزين عن مواجهة الحياة بذريعة فشل الحكومة في توفير حياة كريمة لهم تقترب من الرفاهية دون أن تكون لهم يد في الظروف التي يعيشونها، وهذا التناقض يظهر في انتقاده لحال المستشفى رغم أنه يحمل 12 فردا على محرك ذي ثلاث عجلات “تريبورتو”، حاملا بذلك وراءه مشروع جرحى وقتلى قد يكونون في يوم من الأيام سببا في اكتظاظ المستشفى، لأن الآلة ليست معدة لحمل ذلك العدد من الأفراد، وهي ناقلة للسلع وليست للبشر، غير موضح أن “كاريان الرحامنة” في قلب سيدي مومن بمدينة الدار البيضاء ليس منطقة نائية، بل بالقرب من طريق تحتوي على حافلات وسيارات أجرة باختلاف أشكالها وأحجامها.
بالإضافة إلى أن الدولة نجحت، بالقيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله، في القضاء على مساحات كبيرة من دور الصفيح في قلب سيدي مومن، نذكر منها “طوما” و”زارابا” و”سنطرال” ولائحة طويلة في جل ربوع المملكة، لذلك فالعمل على الترويج لفشل الدولة في التعامل مع دور الصفيح دون البحث في الموضوع، يشير إلى أن العمل غير هادف وأن أعداد مشاهدته ليست دليلا على نجاحه.
زيادة على أنه يظهر ضعف الأجهزة الأمنية للدولة وغباء بعض أفرادها وجبنهم، وأنها فشلت في حماية وزراء داخل أرقى فنادق الدار البيضاء، وأن هذا الاختراق الأمني يشفي غليل ناقد يتحدث عن نموذج شاب عاطل عن العمل رغم حصوله على درجات دراسية عليا، متناسيا أن للمغرب مساحة كبيرة تمتد من طنجة إلى الكويرة، بعدد تقريبي 200 مدينة، فشل ذلك الشاب في إيجاد عمل فيها، أو إيجاد مشروع تجاري مربح، ليكون بالموازاة قادرا على ركوب قوارب الموت والإبحار إلى الضفة الأخرى وإيجاد عمل هناك في ساعات قليلة بعد وصوله، دون الإدلاء بأي انتقاد لظروف الحياة هناك.
هذا من جهة الموضوع، أما من جهة السيناريو، فنجد أن الفيلم يحتوي على مشاهد مجانية تشوش فهم المشاهد لتسلسل الأحداث، وأنه يدور في عبثية ترتقي إلى مستوى محتويات يوتيوب لمحبي إنتاج الأفلام القصيرة ذات القصة غير المفهومة، مع غياب المنطق في العديد من المشاهد، في حين إن مشاهد أخرى حاولت إضحاكنا، لكنها اكتفت بنيل شرف المحاولة، لنتفاجأ في الأخير بموت البطل في النهاية على يد شرطي متهور يغرد خارج السرب، وكما يعلم كتاب السيناريو أن نهاية الموت نهاية يفضلها المبتدئون في مجال الكتابة، وهذا مالا يليق بمبدع كسعيد الناصيري.