يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التملص من تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في هجوم 7 أكتوبر، إذ يتخذ خطوات للتهرب من المساءلة، بما في ذلك الدفع نحو تشريع قانوني مثير للانتقادات، بحسب ما كشفته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية.
مناورة سياسية
أفادت الصحيفة نقلًا عن تقرير لقناة 13 الإسرائيلية، بأنّ نتنياهو يعمل على دفع تشريع يحظر تشكيل لجنة تحقيق حكومية مستقلة، لكنه سيتيح فقط تشكيل لجنة تحقيق سياسية، تتكون من أعضاء في الائتلاف الحاكم والمعارضة ومسؤولين أمنيين.
وأثار هذا الاقتراح جدلًا واسعًا، إذ اعتبرته المعارضة والمجتمع المدني محاولة واضحة لتجنب كشف الحقائق وتحميل الحكومة مسؤولية إخفاقاتها.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"العبرية، تنص المسودة الأولية للتشريع صراحة على منع أي جهة تحقيق أخرى من النظر في الهجوم.
لجنة أجرانات
ويمثل هذا التطور انحرافًا عن تقليد إسرائيلي طويل يعتمد على لجان التحقيق الحكومية المستقلة ذات الصلاحيات الواسعة، والتي عادة ما تترأسها شخصيات قضائية بارزة لضمان الشفافية والحياد، على غرار لجنة "أجرانات" التي تأسست بعد حرب أكتوبر 1973 للتحقيق في الإخفاقات العسكرية والسياسية التي أدت إلى انتصار الجيش المصري على إسرائيل، وترأسها القاضي شيمون أجرانات، رئيس المحكمة العليا في ذلك الوقت، ما منحها مستوى عالٍ من المصداقية والحياد.
وحرب أكتوبر هي الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، وشنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل في يوم 6 أكتوبر 1973 (10 رمضان 1393 هـ) بهجوم مفاجئ من قبل الجيشين المصري والسوري على القوات الإسرائيلية التي كانت مرابطة في سيناء وهضبة الجولان، ونجحت قوات الجيش المصري وقتها في عبور قناة السويس وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وتدمير خط بارليف، وتحصينات جيش الاحتلال بالضفة الشرقية للقناة.
ويطلق على حرب أكتوبر عدة أسماء منها: العبور وحرب العاشر من رمضان في مصر، أو حرب تشرين التحريرية في سوريا أو حرب يوم الغفران (بالعبرية: ميلخمت يوم كيبور) كما تعرف في إسرائيل.
لجنة أجرانات كانت معروفة بصلاحياتها الواسعة وقدرتها على استدعاء مسؤولين بارزين، بما في ذلك قادة عسكريين وسياسيين، وانتهت تحقيقاتها بتقديم تقرير مفصل، ألقى باللوم على شخصيات بارزة في الجيش الإسرائيلي، لكنه لم يحمّل القيادة السياسية المسؤولية المباشرة، وهو ما أثار جدلًا لاحقًا.
معارضة شرسة
المعارضة الإسرائيلية لم تتأخر في الرد على تحركات نتنياهو، إذ أكد زعيم المعارضة يائير لابيد بشكل قاطع أنّ "لجنة التحقيق السياسية المقترحة لن تمر"، مضيفًا أن المعارضة لن تدعم إلا تشكيل لجنة تحقيق حكومية مستقلة قادرة على تقديم إجابات واضحة للشعب الإسرائيلي.
وشنت النائبة مئيراف بن آري، من حزب "يش عتيد"، هجومًا لاذعًا على مخطط نتنياهو، متعهدة باستخدام كل الوسائل البرلمانية لعرقلته.
وأوضحت أن هذا التشريع يمثل "محاولة صريحة للتهرب من المسؤولية عن الهجوم ".
لجنة التحقيق المدنية المستقلة، التي تعمل بالفعل على مراجعة الأحداث، أصدرت بيانًا شديد اللهجة ضد التشريع، واصفة إياه بأنه "تلاعب سياسي على حساب المصلحة العامة".
وأضافت اللجنة أن مثل هذا القانون "يثير الشكوك حول التزام الحكومة بالشفافية".
صراع مع القضاء
على جانب آخر، أشار مراقبون إلى أن نتنياهو يخشى تعيين قاضٍ مستقل على رأس لجنة تحقيق حكومية، إذ قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن رئيسة المحكمة العليا السابقة إستير حايوت، التي أنهت ولايتها مؤخرًا، قد تكون مرشحة محتملة لرئاسة لجنة كهذه، ولكن نتنياهو يعارض بشدة هذا الخيار، نظرًا لانتقادات حايوت العلنية لخطط الحكومة السابقة لتغيير النظام القضائي.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الصراع يعكس توترًا أوسع بين الحكومة والجهاز القضائي، حيث يخشى رئيس الوزراء من فتح ملفات تتعلق بإخفاقاته السياسية والأمنية، ليس فقط في أحداث أكتوبر، ولكن أيضًا في قضايا أخرى قد تمس مستقبله السياسي.
رفض تحمل المسؤولية
على الرغم من الضغوط المتزايدة، لا يزال نتنياهو يرفض الاعتراف بأي مسؤولية شخصية عن أحداث أكتوبر، رغم أن عددًا من كبار المسؤولين الأمنيين وبعض الوزراء في حكومته فعلوا ذلك بالفعل.
ويزيد هذا الموقف من حدة الانتقادات الموجهة له، خاصة مع انتشار تقارير تفيد بأنه كان على علمٍ مسبقٍ بتهديدات حماس، لكنه لم يتخذ خطوات كافية للتصدي لها.
وزير الدفاع السابق يوآف جالانت، الذي أقاله نتنياهو مؤخرًا، أشار إلى أن ترك منصبه جاء بسبب مطالبته الصريحة بضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
جالانت أكد أن فهم أوجه القصور السياسية والعسكرية خلال أحداث أكتوبر يعد أمرًا ضروريًا لضمان استعداد إسرائيل للتحديات الأمنية المستقبلية، حسب ذكره.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.