ارتبطت زراعة وإنتاج الزعفران (الذهب الأحمر) منذ زمن طويل بمنطقة تاليوين التابعة لإقليم تارودانت بجهة سوس-ماسة، غير أن مجموعة من التعاونيات الفلاحية والفعاليات النشطة في المجال ارتأت، في السنوات الأخيرة، تعميم هذه الزراعة على مناطق متفرقة من المغرب، كبولمان، وتطوان، وأزيلال، وأغبالة بإقليم بني ملال، وتدارت بإقليم كرسيف، قبل أن تصل هذه التجربة مؤخرا إلى جماعتين قرويتين بإقليم خريبكة المعروف بتربته الغنية بمادة الفوسفاط.
وشهدت الجماعتان القرويتان أولاد عزوز والمفاسيس بضواحي مدينة خريبكة إنشاء حقليْن تجريبييْن لزراعة الزعفران من طرف تعاونيتين فلاحيتين، وذلك بدعم ومواكبة من مبادرة “act4community خريبكة” و”آلية المثمر لخدمات القرب” التابعتين لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP).
بديل اقتصادي
المهدي الشبيكي، متطوع ببرنامج “act4community”، قال إن “فكرة زراعة الزعفران بإقليم خريبكة جاءت نظر اللظرفية المناخية الصعبة التي تعاني منها الفلاحة في الإقليم، والتي تتمثل في قلة التساقطات، وارتفاع درجات الحرارة تارة ثم انخفاضها تارة أخرى، مما تسبب في تراجع المردودية الزراعية أو انعدامها في بعض المناطق بإقليم خريبكة”.
وأضاف الشبيكي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “زراعة الزعفران بإقليم خريبكة جاء أيضا في إطار مواكبة آكت فور كومينوتي للفلاحين، من أجل اعتماد زراعات بديلة قادرة على مقاومة الظروف المناخية والفلاحية المذكورة، والتعاطي مع زراعات تنمو في الأراضي الصخرية والحجرية من جهة، وذات قيمة مضافة حتى في مساحات زراعية صغير ةمن جهة ثانية”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “آكت فور كومينوتي خريبكة قامت، بشراكة مع آلية المثمر، بمواكبة وتأطير تعاونية خيرات ركراكة بالمفاسيس، وتعاونية بريسا بأولاد عزوز، التابعيْن لإقليم خريبكة، من أجل زراعة الزعفران المعروف بالذهب الأحمر، باعتباره بديلا اقتصاديا يوفر فرص عمل جديدة، ويساهم في التنمية المحلية، وخاصة القروية”.
“زعفران خريبكة”
قال المهدي الشبيكي إن “تجربة زراعة الزعفران بالمفاسيس وأولاد عزوز عرفت نجاحا ملحوظا في السنة الماضية، حيث بلغت المردودية آنذاك حوالي 800 غرام في الهكتار، فيما يتميز محصول هاته السنة من الزعفران بمردودية جيدة، خاصة وأن هذه النبتة تنتج على طول خمس سنوات متتالية”.
وشدد المتطوع ببرنامج “آكت فور كومينوتي” على أن “أزيد من 25 فلاحة وفلاحا استفادوا إلى حدود الساعة من هذه التجربة، وذلك عبر 3 مدارس حقلية بإقليم خريبكة، مع تزايد الطلب من فلاحي المنطقة للنظر في إمكانية تعميم التجربة وتوسيعها بمناطق وجماعات قروية أخرى”.
وعن مستقبل “الذهب الأحمر” بإقليم خريبكة، قال المهدي الشبيكي: “نحن الآن نبحث عن السبل الكفيلة بتثمين إنتاج الزعفران لاستعماله في مستحضرات التجميل، وخلق قنوات عمل لتسهيل التواصل وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية بهذه النبتة، سواء في مرحلة الإنتاج أو التثمين أو التسويق”.
الزعفران بالأرقام
على الصعيد الوطني والدولي، قالت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات إن “المغرب يستند، في سياق ارتفاع الطلب على الزعفران في السوق العالمية، على ثروته النباتية وإنتاجه وتحكمه في التكلفة ومهاراته المحلية، وبذلك تعتبر جهة سوس-ماسة (57%)، وجهة درعة-تافلالت (43%) أبرز الجهات في إنتاج الزعفران بالمغرب”.
وأوضحت الوزارة، عبر موقعها الإلكتروني، أنه “خلال الفترة من 2008 إلى 2019، تضاعفت المساحات المزروعة بالزعفران ثلاث مرات لتبلغ 1865 هكتارا، وعرف الإنتاج بدوره ارتفاعا قويا، إذ تضاعف حجمه 4,3 مرات على مدى السنوات العشر الماضية ليبلغ 6,5 أطنان، أما الصادرات فبلغت 1,2 طن في 2019، مقابل 164 كيلوغراما قبل 10 سنوات”.
وأشارت المعطيات ذاتها إلى أنه “منذ 2003، عرفت القيمة المضافة لسلسلة الزعفران تطورا ملحوظا، حيث تضاعفت بـ4,8 مرات، لتبلغ 82 مليون درهم في 2019، كما يشكل الزعفران رافعة لإحداث فرص الشغل، إذ بلغ حجم التشغيل في القطاع 258 ألف يوم عمل في سنة 2019، مقابل حوالي 60 ألف يوم عمل في 2003”.