كشف عبد الله فركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، عن عزم ضحايا شركة “البناؤون الشباب”، لمسيرها السابق ومالك جزء من رأسمالها الحالي شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، اللجوء إلى “التحكيم الملكي” خلال دجنبر المقبل، في حال لم يتم التفاعل بشكل إيجابي من قبل إدارة الشركة المذكورة والفاعلين العموميين الذين راسلتهم الكونفدرالية لغاية التدخل، وفي مقدمتهم عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ونادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، مع مطالب سداد ديون المقاولات المتضررة.
وأفاد الفركي، في تصريح لهسبريس، بأن الكونفدرالية ستعمد بحلول الشهر المقبل، أي بعد إمهالها إدارة شركة “البناؤون الشباب” والجهات الحكومية المعنية الوقت الكافي من أجل التدخل وحل مشاكل المقاولات الدائنة، إلى وضع طلب لدى الديوان الملكي للحسم في الملف، الذي أدى إلى تضرر عدد كبير من المنشآت الصغيرة والصغيرة جدا، إذ توقفت بعضها عن النشاط بشكل نهائي، بعد تعذر الشركة المدينة عن سداد ما بذمتها من متأخرات، مشددا على أن هذا المشكل ليس إلا شجرة تخفي غابة من الخروقات على مستوى عدم احترام آجال الأداء، واستغلال مقاولات المناولة واستنزاف إمكانياتها التقنية وسيولتها المالية من قبل الشركات الكبرى.
وأكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة أن وزيرة الاقتصاد والمالية ورئيسة المجلس الأعلى للحسابات مدعوتان، في ظل فراغ تشريعي يؤطر ظاهرة “كاش بولينغ” (cash-pooling)، إلى التدقيق في حسابات الشركات القابضة (الهولدينغ)، التي أصبحت تمول مجموعة من المقاولات المتوسطة التابعة، وبدورها تنخرط في التزامات مع مقاولات صغرى وصغيرة جدا، ولا تؤدي قيمة الفواتير المستحقة بذمتها، إذ تعمل على امتصاص سيولتها واستغلال إمكانياتها، ما يساهم في إضعاف قدرتها على الوفاء بالتزاماتها ويعرضها في النهاية للإفلاس، موردا أنها تظل الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، ولا تتوفر حتى على القدرات المادية التي تخولها تحمل تكاليف التقاضي أمام المحاكم.
وأوضح المتحدث ذاته أن مشكل شركة البناؤون الشباب يمثل نموذجا لواقع حالي أدى إلى زيادة مقلقة في حالات إفلاس المقاولات، التي من المتوقع أن تتجاوز 40 ألف حالة بنهاية السنة الجارية، مؤكدا أن من بين هذه الحالات تمثل المقاولات الصغيرة جدا 99 في المائة، منها 66 في المائة عبارة عن مقاولات صغيرة جدا وأشخاص ذاتيين غير مسجلين لدى الهيئات الإحصائية، ومنبها في السياق ذاته إلى أن هذه الوضعية ساهمت في ارتفاع معدل البطالة، الذي تجاوز 13 في المائة، بالإضافة إلى تنامي نشاط القطاع غير المهيكل.
وأشار رئيس التمثيلية المهنية لصغار المقاولين إلى استمرار معاناة المقاولات الصغرى والصغيرة جدا على مستوى الولوج إلى سندات الطلب والصفقات العمومية، في ظل غياب مراسيم تطبيقية خاصة بمرسوم النفقات العمومية الصادر في 2013، ما تسبب في خسارة هذه المقاولات أزيد من 60 مليار درهم سنويا، أي ما مجموعه 660 مليار درهم عن السنوات الماضية؛ وهي المبالغ التي تستفيد منها فئة صغيرة من المقاولات الكبرى.
وعقدت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ندوة صحافية الجمعة الماضي بأحد فنادق الدار البيضاء، جمعت ممثلين عن المقاولات المتضررة من توقف شركة “البناؤون الشباب”، التي يساهم رئيس “الباطرونا” الحالي في رأسمالها، عن أداء الديون والمتأخرات المستحقة في ذمتها عن مشاريع عقارية كبرى في الدار البيضاء، حيث تجاوزت مستحقات بعض الحاضرين في الندوة ثمانية ملايين درهم، أي 800 مليون سنتيم.