في استفزاز جديد أطلقت عناصر مسلحة تنتمي إلى جبهة “البوليساريو” الانفصالية، أول أمس السبت، مقذوفات بالقرب من تجمعات مدنيين ومسؤولين مغاربة كانت تُحيي الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، بمنطقة المحبس، ما خلّف نوعاً من الخوف لدى الحاضرين، رغم عدم إصابة أي شخص ولا سقوط أي صحراوي أو صحراوية مغاربة، فكان ردّ القوات المغربية سريعاً.
ما جرى أعاد إلى النقاش ما حدث السنة الماضية في الفترة نفسها، وضرورة إسناد المغرب لتصنيف الجبهة كـ”منظمة إرهابية”؛ لأن ميليشياتها ضربت السمارة سابقاً في عملية وُصفت من طرف جميع المهتمين والفاعلين بـ”الإرهابية”، لكونها همّت نطاقا مدنيا آمناً بالعاصمة الروحية والعلمية للأقاليم الجنوبية، وأدت إلى سقوط قتيل وإصابة شخصين بجروح بليغة وتدمير أربعة منازل.
تقدير سياسي
عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قال إن “التوجه نحو تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية يتطلب تقديراً سياسيا أوليّا، على اعتبار أن الأمم المتحدة تعتبرها طرفاً في النزاع المفتعل بشأن الصحراء”، مبرزاً أن “تصنيف الجبهة الانفصال كمنظمة إرهابية يعني قطع أي علاقات تفاوض في المستقبل، ولو تحت إشراف الأمم المتحدة؛ وسيسقط الطرف الرابع في المفاوضات التي نحتاجها من أجل إيجاد تسوية سياسية”.
الفاتيحي أورد لهسبريس على خلفية هذه الهجمات أن “الجبهة تعدّ اليوم منظمة إرهابية بهذه الهجمات، والملك كان واضحا حين دعا الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها، لأن بعثة المينورسو ممنوعة على مستوى منطقة ما وراء الجدار، والبوليساريو ترفض السماح بإجراء تحقيقات بشأن هذه الجرائم الإرهابية الجبانة التي تستهدف المدنيين”، مشيراً إلى أن “ما يحتاج المغرب الاشتغال عليه هو جلب الإدانة دوليّا لهذه الأفعال، التي تكشف نية الجزائر المرور إلى حرب شاملة كما تناقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين مغاربة”.
وتابع المتحدث ذاته: “في البداية نحتاج إلى تعبئة كبيرة، أولاً لممارسة نوع من الضغط على الأمم المتحدة من أجل استصدار بعض الإدانات، ومن أجل فرض الضغط على جبهة البوليساريو للعودة إلى العمل بالاتفاق العسكري رقم 1 من جهة أخرى”، مضيفا: “حينها سنجد السبيل إلى الترافع على تصنيفها كتنظيم إرهابي إذا تمادت في هذه الأفعال وواصلت قطع الطريق على العودة إلى أفق الحل السياسي والتسوية”، ومؤكداً على “الاشتغال على عملية الإدانة دوليا بما يجعل البوليساريو جبهة منبوذة وفاقدة للشرعية”.
“طبول الحرب”
عباس الوردي، أكاديمي جامعي ومحلل سياسي خبير في العلاقات الدولية، قال إن “قصف ميليشيا البوليساريو الإرهابي بتوجيه من الجزائر فيه إشارة قوية إلى التصعيد”، مشددا على أن “هذا بطبيعة الحال يجر دعوة الملك محمد السادس إلى تحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها، لأن ما يحدث في هذه المنطقة يقود إلى المجهول”، وزاد: “هذا القصف ليس الأول. ومحاولة ضرب المدنيين العزل في اجتماع من أجل تخليد ذكرى المسيرة الخضراء فيه إشارة مبطنة من العسكريين الجزائريين”.
وأضاف الوردي ضمن تصريحه لهسبريس: “الجزائر تعاكس توجهات الأمم المتحدة وتضربها عرض الحائط عبر ميليشيات البوليساريو”، متسائلا: “ماذا تريد الجزائر من هذا التوجه؟ هل قرع طبول الحرب؟”، وتابع: “إذا كانت الجزائر تريد أن تقارع المغرب فهذا يعاند البنية الدولية، ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها طرف مباشر في النزاع، وهي التي تذكي هذا الفتيل المرتبط بالمواجهة العسكرية مع المغرب”.
كما أورد المتحدث ذاته: “ماذا تريد الجزائر من موريتانيا؟ لأن تلك الضربات التي سمّتها البوليساريو ‘الضربات الناجحة’ كانت قريبة من التراب الموريتاني، وهذا يعرض السيادة الموريتانية لمجموعة من الأخطار المحدقة، ويتجاوز حتى أبسط المبادئ المرتبطة بالقانون الدولي في مجال السيادة المكرسة في إطار منطق الدولة”، وواصل: “ألم تقتنع الجزائر بأنها انعزلت عزلة مقيتة عن البنية الدولية وخاصة في شقها الدبلوماسي؟”.