تلقى برشلونة هزيمته الثانية في الليغا هذا الموسم وذلك بعدما خسر بهدف نظيف أمام ريال سوسيداد على ملعب "ريال أرينا" ضمن مباريات الجولة الثالثة عشرة من الدوري الإسباني.
هدف المباراة الوحيد جاء عبر شيرالدو بيكر في الدقيقة (33) ليوقف الفريق الباسكي سلسلة انتصارات "البارسا" مقدمًا هدية ثمينة إلى ريال مدريد، الذي قلص الفارق مجددًا مع النادي الكتالوني إلى 6 نقاط مع مباراة أقل للميرينغي.
غياب لامين يامال مؤثر
هي جملة بديهية بالتأكيد أن يكون غياب أحد أهم لاعبيك مؤثرًا، لكن تأثير غياب يامال لم يكن فقط لافتقاد برشلونة لخدماته بل لأن غياب الجناح الأيمن للبرسا أثر كذلك على إنتاج رافينيا، إذ إن أحد أهم الأمور التي يستفيد فيها الفريق من حضور يامال هي في التشتيت الذي يُحدثه لدفاعات المنافس ما يمنح رافينيا الفرصة لتحركات البرازيلي الخطيرة في ظهر دفاع المنافس أو أمام منطقة الجزاء لتلقي الكرات من الزملاء.
الأمر الثاني كان في قرار هانز فليك في إشراك فيرمين لوبيز على الجانب الأيمن ما جعل مردوده صفرًا كبيرًا. ربما أراد المدرب الألماني أن يحافظ على المستوى الكبير لرافينيا في مركزيه الجديدين سواء كجناح أيسر أو لاعب رقم 10 بدلًا من إعادة معاناته في مركز الجناح الأيمن، لكن الحصيلة كانت أن فيرمين لم يقدم جديدًا بينما انخفض مردود رافينيا كثيرًا.
لا أحد يعلم ماذا كان سيحدث لو كان فليك قد أشرك رافينيا على اليمين من البداية، لكن ربما هناك لمحة تجعل التساؤل منطقيًا بعدما انتقل البرازيلي إلى اليمين عند اشتراك أنسو فاتي، فصنع رافينيا فرصة خطيرة عبر التعاون مع زملائه بالتمرير داخل منطقة الجزاء ثم تلقي الكرة داخلها من جديد لكنه لم يسدد في قرار غريب منه لتُغلق الزاوية عليه.
هدف برشلونة المُلغى سيثير صخبًا كبيرًا!
رغم ذلك إلا أن برشلونة كان ربما الطرف الأفضل في النصف الأول من الشوط الأول، وهي الفترة الوحيدة تقريبًا التي كان "البارسا" أفضل فيها خلال المباراة التي كانت أفضليتها تميل لسوسيداد.
في تلك الفترة كان يسجّل متصدر الليغا هدفًا عن طريق روبرت ليفاندوفسكي لكن بعد فترة من الاحتفال ثم الانتظار كان حكم المباراة يشير إلى إلغاء الهدف بداعي التسلل على المهاجم البولندي.
اللقطة كانت مثيرة للاستغراب إذ إن الصورة التليفزيونية كانت تشير إلى تغطية قدم المدافع المغربي نايف أكرد على مصيدة التسلل بيد أن صورة تقنية التسلل نصف الآلي أشارت إلى تقدم قدم ليفاندوفسكي، في لقطة ما يزال صخبها دائرًا عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي حتى الآن ولا نظنه سيهدأ الليلة أبدًا!
سوسيداد ينتفض
وتحول سوسيداد بعد ذلك ليكون الطرف الأفضل. أصحاب الأرض كانوا جيدين منذ بداية المباراة لكنهم أصبحوا مميزين مع تطور أحداث المباراة تدريجيًا بعدما بات الفريق خطيرًا جدًا في التحولات بفضل السرعة الكبيرة في تنفيذها مستغلين مهارة كوبو وسرعة بيكر.
لكن "الباسكي العنيد" أهدر عدة فرص كان من شأنها أن تفتتح النتيجة أو تعززها عبر شيرالدو بيكر أو ميكيل أويارزابال الذي أضاع فرصة هائلة لتسجيل الهدف الثاني. وصحيح أن الأخير لاعب دولي مميز إلا أنه في آخر عامين يُظهر تذبذب مستواه التهديفي وتحويله الفرص إلى حاجة سوسيداد إلى مهاجم صريح أفضل بعدما فقد آخر رجاله المميزين في هذا الصدد برحيل النرويجي أليكساندر سورلوث، فيما يظل أويارزابال رقمًا صعبًا على مستوى صناعة اللعب.
رغم أن سوسيداد كان خطيرًا إلا أن أصحاب الأرض فشلوا في استغلال مصيدة التسلل التي يفرضها برشلونة والتي لوحظ عدم تطرفها في الشوط الأول مع وجود إنييغو مارتينيز، الذي يفضّل التغطية أحيانًا واللحاق بالمهاجم على ترك الفريق عُرضة لضرب تلك المصيدة.
المثير هو أن هدف الباسكيين لم يأتِ من هجمة منظمة بل من كرة مقطوعة في منتصف ملعب برشلونة ارتدت بسرعة لتصير شبه انفراد لبيكر بعدما تجاوزت الكرة كوبارسي، ليستغل الجناح الأعسر تقدم كوندي ويسدد بيمناه كرة مستحيلة على بينيا مسجلًا هدف المباراة الوحيد.
شوط ثانٍ كالحرب
الشوط الثاني كانت تزداد معه متعة المباراة بعدما صارت كالحرب كرًا وفرًا. بدأ بأفضلية كاسحة لريال سوسيداد، الذي سيطر على اللقاء وهدد مرمى برشلونة من اللحظة الأولى عبر كرة أخرى مرتدة إلى شيرالدو بيكر الذي فشل في وضعها ساقطة من فوق بينيا، ثم تحول إلى أفضلية نسبية لسوسيداد وسط محاولات للبرسا ردًا على فرص أصحاب الأرض.
فرص الأزرق والأبيض كانت تعتمد بشكل أساسي على ضرب مصيدة التسلل مع زيادة نشاط الفريق على المستوى الهجومي بفعل 4 تبديلات دفعة واحدة بعد ساعة من اللعب، وصحيح أن النشاط ازداد فعلًا لكن الجودة قلت في الخط الأمامي فتسابق أوسكارسون وبارينتشا في إهدار الفرص الخطيرة جدًا.
في المقابل كان داني أولمو يُحدث ثورة في هجوم برشلونة ليصبح هجومًا مركزًا أكثر بعدما أخرج دي يونغ وأعاد بيدري للخلف بعدما أضاع فرصتين خطيرتين أظهرتا بعض المشاكل التي يعاني منها عندما يلعب في مركز 10، فالفرصة الأولى كان عليه أن يضع مدافع سوسيداد خلف ظهره قبل التفكير في السيطرة على الكرة، بينما افتقد في الثانية للقدرة والجرأة على التسديد بيسراه من وضعية مريحة إن قرر التسديد بقدمه الأضعف من داخل منطقة الجزاء، لكنه لم يفعل وأهدر فرصة سهلة للتسجيل.
كلا الفرصتين كان أولمو أقدر كثيرًا على تسجيلهما لذلك كان غريبًا ألا يشترك منذ البداية، اللهم إلا أن كان فليك يرى أنه من الصعب اللعب ببيدري وكاسادو في العملية الدفاعية أمام سرعات سوسيداد في المرتدات وبراعة برايس مينديس في إرسال زملائه للنصف الثاني من ملعب برشلونة.
كان سوسيداد الطرف الأفضل، ومع ذلك لا يمكنك تجاهل تدخلات إنييغو مارتينيز وكوبارسي المميزة أو عدم لفت النظر إلى التميز الكبير لليفاندوفسكي في جر فريقه للأمام رغم خشونة مدافعي الباسك. في نفس الوقت لا يمكن تجاهل أن كوندي كان مرهقًا بحق وأن فيرمين لوبيز ورافينيا قد تأثرا بغياب يامال، كلٌ فيما ذكرناه، كما أن كاسادو رغم تميزه الهجومي وحتى تدخلاته الدفاعية المميزة فإنها المرة الأوضح التي يظهر فيها عدم قدرته على مسايرة نسق سريع كالذي أحدثه سوسيداد في مرتداته، ففي كل مرة يفلت منه لاعب لا يكون بمقدوره اللحاق به.
مع مرور الوقت تحول برشلونة إلى فريق يحاول إرسال كرات عرضية لمجموعة من قصار القامة يتوسطهم ليفا وهو محاصر من زوبلديا وأكرد ومعهم إليستوندو الذي اشترك في الشوط الثاني ليزيد من صلابة الوسط الدفاعي لينتهي اللقاء بمحافظة سوسيداد على تقدمه حتى النهاية وحصاده للنقاط الثلاثة.