تعيش الأوساط المهنية، بمختلف المجالات بجهة طنجة تطوان الحسيمة، على إيقاع تباين واضح في الأوضاع على مستوى الهيئات والمجالس التمثيلية للمهنيين، سواء على المستوى المحلي أو المستوى الجهوي، الذي تبقى فيه الهيئات “عاجزة” عن استيعاب أفواج المهنيين وتأطيرهم، فضلا عن الاستجابة لمطالبهم الملحة قصد تحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
ولعل القطاع الفلاحي يبقى من أبرز المجالات التي تعاني خصاصا واضحا على مستوى التأطير والتوجيه؛ بالنظر إلى طبيعة الفئة التي تمتهن المجال وتنشط فيه، من سكان البوادي الذين تتفشى في صفوفهم آفة الأمية التي تقف حجر عثرة أمام ولوجهم عصر التقنية والرقمنة التي يتطلبها الوقت الراهن.
ويشكو مهنيون تواصلت معهم الجريدة غياب “الأدوار” التي ينبغي أن تلعبها غرف الفلاحة وأعضاؤها على مستوى الأقاليم والجهة، إذ يعيب غالبية الفلاحين على ممثليهم “انسحابهم” و”تواريهم” إلى الخلف، تاركين الفلاحين في مواجهة التحديات والصعوبات التي تطوق أعناقهم من كل حدب وصوب، خاصة مع توالي سنوات الجفاف.
غير أن هذا الواقع حاول عبد السلام البياري، رئيس الغرفة الفلاحية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، التقليل من شأنه، حيث قال ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “إن التأطير من شتاء لا يساوي شيئا”، معبرا عن ابتهاجه بالتساقطات التي شهدتها الجهة في الأيام الماضية.
وأفاد البياري بأن العمل الميداني “حاضر وواقع لا ينكره إلا جاحد”، مبرزا أن مكاتب الاستشارة الفلاحية يجتمعون بحضور مستشاري الغرفة وينسقون بين كل منطقة وفلاحيها، معربا عن ثقته في تحقيق موسم فلاحي جيد هذه السنة.
من جهته، أقر أحمد بكور، رئيس غرفة الصناعة التقليدية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بصعوبة تدبير الغرفة الجهوية بسبب ضعف الميزانية التي لا تسعف في إعداد وتنفيذ برامج قوية لفائدة الصناع التقليديين.
وأفاد بكور، ضمن تصريح لهسبريس، بأن قطاع الصناعة التقليدية يعيش على إيقاع تدهور وصفه بـ”الخطير” والذي يتمثل في ارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل مهول، بالإضافة إلى عدم تسويق منتوج الصناعة التقليدية بالشكل الكافي، رغم المعارض التي يجري تنظيمها.
وأشار بكور إلى أن الصناعة التقليدية تواجه تحديات وجودية في عدد من أصنافها، خاصة الخياطة التقليدية، معتبرا أن ظهور محلات تجارية للملابس التقليدية الجاهزة والتي تكتريها مقابل 300 درهم سيسبب في انقراض الصناع التقليديين.
وشدد المتحدث ذاته على أن الخشب المستورد بات يخلق مشاكل جمة في وجه الصناع التقليديين، لافتا إلى أن اشتغال أعضاء الغرفة والمنتخبين بشكل مجاني ومن دون مقابل يمثل عاملا في إضعاف القطاع وينبغي على الحكومة أن تستدرك هذا الأمر.
وأعرب رئيس غرفة الصناعة التقليدية بجهة الشمال عن أمله في أن يحدث تعيين كاتب دولة في قطاع الصناعة التقليدية دفعة جديدة ونفسا جديدا، يمكن أن يسهم في تقدم القطاع الصامد في وجه التحديات ويمنح التعاونيات والجمعيات المهنية المختلفة زخما وحافزا كبيرا على البذل والعطاء.
ودعا بكور الدولة إلى الالتفات إلى مسألة فتح الباب أمام الصناع التقليديين لتسويق منتوجاتهم المختلفة، مشددا على ضرورة إعادة فتح الباب أمام التمويل ومنح القروض التي أغلقت البنوك الأبواب في وجه الصناع التقليديين بشأنها، مؤكدا أن القطاع مشغل مهم لليد العامل وعامل رئيسي في تدعيم الإنتاج الوطني.
ولا يبدو الوضع مغايرا بالنسبة لباقي الغرف المهنية بالجهة، التي تظل التحديات التي تواجهها متشابهة وتجعل مسألة التأطير والتواصل مع المهنيين والدفع بمشاريعهم الصغيرة نحو التقدم والازدهار من أكبر الإخفاقات التي تعاني منها؛ الأمر الذي يستدعي تكثيف جهود مختلف المتدخلين والفعاليات من أجل تحقيق قفزة نوعية في هذا المجال.