علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع أن عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، وجه تعليمات صارمة إلى الولاة والعمال تهم التدخل من أجل تقليص فواتير “أتعاب المحامين” في الجماعات الترابية التابعة لنفوذهم، بعدما استشعرت المصالح المركزية ارتفاع قيمتها إلى مستويات قياسية، بشكل لا يبرره تسارع وتيرة نمو تكاليف المنازعات القضائية، الناجمة عن خسارة الجماعات عددا كبيرا من القضايا بالمحاكم، ما ترتبت عليه أحكام بتعويضات مهمة وضياع للموارد الجماعية.
وأفادت المصادر ذاتها بأن عمالا، تحت إشراف الولاة، شرعوا في توجيه مراسلات إلى رؤساء جماعات ترابية تقع ضمن نفوذهم الترابي، لغاية تحيين الاتفاقيات المبرمة مع المحامين، والحرص على التعاقد مع ذوي الكفاءة منهم، لضمان الدفاع عن مصالح الجماعات بصورة أنجع، بما يجنبها خسارة منازعات قضائية كثيرة، مع موافاة مسؤولي السلطة الترابية المشار إليهم بنسخ عن الاتفاقيات الجديدة؛ فيما ضمنوا مراسلاتهم تحذيرات بشأن تأثير الأحكام الصادرة ضد المجالس الجماعية بالتعويض على سير تنفيذ المشاريع وتدبير الميزانيات.
وأكدت مصادر الجريدة أن اتفاقيات أبرمها رؤساء جماعات ترابية مع محامين من أجل الدفاع عن مصالح هذه الجماعات شكلت موضوع شكايات رفعت إلى مسؤولي الإدارة الترابية والمصالح المركزية بوزارة الداخلية، من قبل أعضاء في المجالس الجماعية، موضحة أن هذه الشكايات همت وجود علاقات قرابة ومعرفة مسبقة وشبهات تضارب مصالح بين الأطراف في عدد من الاتفاقيات الموقعة، ومشددة على أن المعطيات المتوصل بها من قبل المشتكين كشفت أيضا عن وجود شبهات محاباة حزبية في تفويت مهام الدفاع إلى محامين بعينهم.
وتخول المادة 263 من القانون التنظيمي 113.14، المتعلق بالجماعات، لرئيس المجلس الجماعي صلاحية الدفاع عن مصالح الجماعة أمام القضاء، دون الحاجة إلى اللجوء إلى مداولات المجلس، إذ لا يحتاج التعاقد مع المحامين إلى مقرر للمجلس، وإنما يتم طبقا لمقتضيات المرسوم 2.12.349، المتعلق بالصفقات العمومية؛ فيما نصت المادة المذكورة على أنه “يمثل الرئيس الجماعة لدى المحاكم، ما عدا إذا كانت القضية تهمه بصفة شخصية، أو بصفته وكيلا عن غيره أو شريكا أو مساهما، أو تهم زوجه أو أصوله أو فروعه”.
وربطت مصادر هسبريس التعليمات الجديدة لوزير الداخلية بتوجيهات سبقتها إلى الولاة والعمال من أجل التشدد خلال التدقيق وفحص “ميزانيات 2025” المرفوعة إليهم من قبل جماعات ترابية خلال دورات أكتوبر، ورفض التأشير على المصاريف والنفقات المبالغ فيها، وكذا بنود الميزانيات التي لا تندرج في باب الضروريات، حسب حاجيات كل جماعة على حدة، مؤكدة أن مصالح الإدارة المركزية استندت إلى تقارير وملاحظات واردة عن مديرية الجماعات المحلية، التابعة للمديرية العامة للجماعات الترابية بالوزارة، أكدت تنامي مستوى النفقات التشغيلية المبرمجة لجماعات، بينها المرتبطة بتدبير المنازعات القضائية.
يشار إلى قسم المنازعات بمديرية المؤسسات المحلية التابعة للمديرية العامة للجماعات الترابية راسل الولاة والعمال، من أجل مد الإدارة المركزية بتقارير مرقمة حول قيمة التعويضات المحولة إلى ملاك بموجب أحكام قضائية بشأن منازعات حول استخلاص الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، ومحاضر وتقارير خاصة بسير التقاضي والالتزام بالمساطر القانونية عند التحصيل. وجرى إرفاق المراسلة بملفات EXCEL لغاية تغذيتها بمعلومات حول هوية المحاكم ومراجع الملفات وأسماء الجماعات المعنية، وكذا الخصم، إضافة إلى مآل القضايا، ومجموع مبالغ الرسوم المطلوبة أو الملغاة، وأسباب إبطال رسوم من خلال تعليلات المحاكم.