نظمت أكاديمية العلوم بالبرتغال، في مقرها بلشبونة، محاضرة بمناسبة الذكرى الـ250 لتوقيع معاهدة السلام بين البرتغال والمغرب سنة 1774، بحضور عثمان باحنيني، سفير المملكة المغربية، ورئاسة الأستاذ جوزي لويس كاردوزو، رئيس الأكاديمية المرموقة بالبرتغال، ومشاركة عميد الأكاديميين البرتغاليين البروفيسور أنطونيو دياز فارينيا؛ وكذا عدد من الشخصيات المغربية والبرتغالية التي تمثل العالم الأكاديمي والفكري والثقافي.
وأفاد بلاغ صحافي توصلت به هسبريس بأن هذا الموضوع “يحظى بأهمية حقيقية في سياق دولي مازالت فيه الحروب والصراعات تهيمن على العديد من مناطق العالم، كما يمكن اعتباره محوريا في مرحلة يكتب فيها المغرب والبرتغال صفحة جديدة من تاريخهما، ليس فقط بسبب تنظيمهما المشترك كأس العالم سنة 2030، بل أيضًا، وخاصة، بسبب الدينامية الجديدة التي تشهدها الشراكة بين البلدين”.
الدكتور إدريس الكراوي، عضو أكاديمية المملكة المغربية، حاول خلال هذه المحاضرة أن يبين كيف أن البناء المبكر لأسس قوية للسلام والوئام هو ما يميز هذه الدينامية، مستعرضا في هذا الإطار السياق الوطني والإقليمي والدولي الذي تم فيه إبرام هذه المعاهدة، وموضحا الأسباب التي أدت إلى إبرامها، وأبرز خصائصها الرئيسية، ليستخلص أخيرا الدروس الأساسية للحاضر والعبر المهمة لمستقبل العلاقات بين المغرب والبرتغال.
كما سلط الكراوي، وهو أيضا عضو أكاديمية العلوم بالبرتغال، الضوء على العوامل الرئيسية التي ساهمت في بناء سلام دائم بين البلدين، مبرزا أن هذه العوامل تنبع من إرث مشترك يمتد لعدة قرون؛ كما تتجلى في مساهمة متبادلة في بناء الحضارة الأندلسية، التي مازالت معالمها حية في كل من البرتغال والمغرب، وهو إرث مشترك وبناء متبادل يفخر به حتى الآن كل من البرتغاليين والمغاربة.
وتتعلق هذه العوامل أيضًا، وفق رئيس الجامعة المفتوحة للداخلة، بالتقاء إرادة سياسية لملكين، يتميزان برؤية استباقية، وانفتاح على العالم، وبالواقعية، وهما السلطان سيدي محمد بن عبد الله والملك دوم خوسيه الأول.
وأكد المتحدث ذاته أن هذه العوامل ناتجة أخيرا عن وعي البرتغال والمغرب بمصالحهما الاقتصادية المشتركة؛ وعي ممزوج بمراعاة اهتماماتهما الجيوستراتيجية، وتلك المتعلقة بالجوانب الأمنية والعسكرية إبان إمضائهما اتفاقية السلام سنة 1774.
وأورد المصدر ذاته أنه في الذكرى الـ 250 لهذه المعاهدة المهمة، الأولى من نوعها بين البلدين، يكتسي هذا الأمر قيمته الأكاديمية، ومعناه الجيوسياسي، ودلالته في التفكير في مستقبل علاقات التعاون بين البلدين؛ علاقات تشكلت وتقوت من خلال القرب الجغرافي، والتاريخ الطويل المشترك، والمصير المتبادل للبلدين الذي يتعين تعزيزه وضمان استمراريته.