انتظر مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني الأعلى للتعليم والبحث والإبتكار، العرض على مجلس النواب، بعد إحالته من مجلس الوزراء إلى لجان الحوار الوطني في سبتمبر 2023، بناء على توجيهات من رئيس الجمهورية، ليتم مناقشة مشروع يدعو إلى توحيد سياسات التعليم والتدريب بكافة أنواعه بما يدعم احتياجات سوق العمل.
وتضع الحكومة والشعب آمال كبيرة في تحسين جودة التعليم قبل الجامعي، من خلال وصول المجلس الوطني للبحث والإبتكار بالتعليم إلى مستويات قياسية، ليكون أكثر فاعلية سواء للطلاب أو المناهج الدراسية او الخريجين وربطهم بمتطلبات سوق العمل، حيث يسعى مجلس النواب لإقرار القانون الخاص بالمجلس خلال الفترة المقبلة.
واستمرارًا لممارسة مهامّه التشريعية، وافق المجلس بشكل “نهائياً” على مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني الأعلى للتعليم والبحث والابتكار يتبع رئيس الجمهورية، ويشكل برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية الوزراء المعنيين، وعددًا من الخبراء المتخصصين، ورجال أعمال، ليتولى وضع السياسات العليا للدولة في مجال التعليم بكافة أنواعه، بما يحقق التكامل بينها، والإشراف على تنفيذها.
يعكس اهتمام القيادة السياسية بتعزيز جودة التعليم
قالت النائبة هدي عمار، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إن مشروع قانون المجلس الوطني الأعلى للتعليم يعكس إهتمام القيادة السياسية بتعزيز جودة التعليم، ودعم البحث العلمي باعتبارهما أساسًا لتحقيق التقدم والتنمية، موضحه أن الحوار الوطني قد ناقش كثيرا هذا القانون من قبل في جلساته، مؤكدة انه هو الضامن الوحيد لكي يكون لدينا مشروع قومي للتعليم في مصر.
وتابعت أن دور المجلس الوطني الأعلى للتعليم هو توجيه كل اعضاء وزارة التربية والتعليم إلى مصطلح صناعة التعليم وربطه بما يحتاجه سوق العمل، وهو من أهم المشروعات المطروحة لتطوير التعليم وربطه بسوق العمل، مشددة أننا نحتاج إلى إعادة تعريف مفهوم التعليم في مصر؛ والتشبيك ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل.
واكملت النائبة في تصريحات اطلعت عليها "بلدنا اليوم" نحن نواجه مشاكل كثيرة في التعليم، وكل وزير يأتي برؤية جديدة ومشروعه مختلف عن سابقيه، وبالتالي المشهد المُصدر اننا نعيش في حقل تجارب، وأن التعليم مشروع ورؤية وزير علي الرغم من وجود رؤية وطنية للدولة وهي رؤية مصر 2030، وهنا يأتي دور المجلس الوطني لرسم سياسة التعليم وربطها بالأهداف الوطنية للدولة.
واختتمت أن التعليم في مصر متفرق دمه بين الوزارات والهيئات والأكاديميات والمراكز والمجالس، وكل جهة فيها منعزلة وتعمل علي حدة تمامًا وكثير منها لا نراها ولا نسمع عنها غير وقت مناقشة الموازنة، ومن هنا يأتي دور المجلس الوطني للتعليم بتوحيد الجهود في قطاع التعليم، ويصالح كل الجهات العاملة في سوق التعليم علي بعضها البعض، ويقضي علي سياسة العمل في جزر منعزلة.
أولى خطوات تطوير منظومة التعليم في مصر
وفي نفس السياق قال النائب محمود قاسم، عضو مجلس النواب إن مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار، يعد أولى خطوات تطوير منظومة التعليم في مصر، بما يتماشى مع رؤية الدولة 2030 لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، مشيرا إلى أن هذا المشروع يعكس اهتمام الدولة والحكومة بتطوير التعليم وربطه باحتياجات سوق العمل المحلي والدولي.
وأضاف "قاسم"، انه رغم أهمية المشروع فى تطوير التعليم إلا أن هناك تضارب بين إختصاصات المجلس، وبعض التنظيمات المشكلة بقوانين أخرى، مما يحمل الدولة نفقات متكررة، بالإضافة إلى أن دورية عرض تقارير المجلس الوطني على مجلس الوزراء سوف تكون غير محددة.
وأكمل عضو مجلس النواب أن أسلوب إختيار الخبراء في العضوية يحتاج إلى إعادة نظر، لأن عرض التقرير على السياسات العليا محدد بـ6 شهور على الاقل، موضحاً انه من المفترض أن يكون العرض على رئيس الجمهورية خلال شهر من إنعقاد المجلس، وأشاد بتفاعل رئيس المجلس والحكومة مع التعديلات التى قدمها على مواد القانون.
دعم وتطوير التعليم
وأوضح ان القيادة السياسية تدعم تطوير التعليم، الذي انعكس بشكل فعال على ترتيب الدولة المصرية في ملف جودة التعليم، والذي تحرك من المركز 138 من عام 2022 إلى المركز 48 في منتصف 2024م، مضيفا أن هذا المشروع هو فرصة كبيرة للنهوض بالتعليم، من خلال رسم مجموعة من السياسات العامة.
ونوه أن المجلس الوطني للتعليم نظام يعمل به أغلب دول العالم التي تشهد مراحل متقدمة في جودة المنظومة التعليمية، لافتا إلي أن مشروع القانون يسهم في بناء الشخصية المصرية، والحفاظ علي الهوية الوطنية، وكذلك ترسيخ المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب، وتشجيع الإبتكار لمواكبة العصر.
وأتم النائب محمود قاسم تصريحاته قائلاً، إن مهمة المجلس هي رسم سياسة التعليم ومراجعة المناهج التي تدرس للطلاب، وتحديثها بصورة منتظمة علي أسس علمية، والاهتمام بالمنظومة التعليمية بكل أركانها، سواء للطلاب، أو المعلمين، أو المناهج، أو المؤسسات التعليمية، وأن تكون هناك سياسات واضحة للتعليم، والعمل بشكل مؤسسي ومتبني لتطوير المنظومة التعليمية، وفقا لأحدث الطرق العلمية التي تضمن جوده التعليم وتطوير مخرجاته.
لن يكون المجلس أمام منتج حقيقي لصالح التعليم
أكد النائب أحمد الشرقاوي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن المجلس الوطني للتعليم، هو مشروع يتولى إعداد رسم خطط وسياسات التعليم بكافة أنواعه وجميع مراحله، لذلك يجب وضعها من قبل علماء ومثقفين ومفكرين وسياسيين، كي يكونوا قادرين على نشر ثقافة العلم والابتكار بين المواطنين، ليتمكنوا من الاستجابة للمتغيرات الإجتماعية المستقبلية.
وأضاف الشرقاوي أن تشكيل المجلس الوارد في مشروع القانون، يتضمن وزراء من الحكومة ورجال أعمال وتنفيزيين، مؤكدا أنه تمت مناقشة المشروع في الحوار الوطني، أن العلماء والمفكرين يضعون السياسات العامة للمشروع والحكومة تقوم بتنفيذها، وهو ليس ما جاء به مشروع القانون الذي وافق عليه المجلس.
وأكد أن المجلس بتشكيله المعروض لا يقدم شيئ، وتشكيله لن يكون أمام منتج حقيقي لصالح التعليم في مصر، لأنه تشكيل حكومي في الأساس، وجاء وفقا لرؤيته وفلسفته المعروضة.
وتابع أن المنتج المنتظر من المجلس حتى الآن غير مفهوم وغير واضح، ومصر بها الكثير من صور التعليم والمجلس المطروح لا يقدم شيئ، ومن الأفضل تأجيل مناقشة مشروع القانون المعروض؛ لحين تعديل فكرة إنشاء المجلس، وفقا للمشروع المطروح الذي يتشكل من 15 عضو تنفيذي في مجلس الوزراء، منهم 10 وزراء هم ثابتين في التكوين، والخبراء المختصين يتم استبدالهم كل سنتين.
وأشار إلى أن مصر الآن في مسار اقتصادي غير مستقر، فلابد من الأخذ بعين الإعتبار عند إنشاء قانون المجلس الوطني للتعليم، وهو بعيد عن الأوضاع الاقتصادية الحالية، ولابد مناقشة اي تعديل يجرى على هذا المشروع، متسائلا ما الجديد الذي سيأتي به المجلس.
المجلس يضع سياسات العملية التعليمية
من جانبه، قال الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج بجامعة عين شمس الأسبق، إن فكرة إنشاء مجلس أعلى للتعليم والتدريب هي فكرة مهمة تهدف إلى وضع سياسات العملية التعليمية بكافة مراحلها، ومتابعة تنفيذها وتطويرها بإستمرار، مؤكدا أنه على مدى العقود الماضية كان هناك قطيعة في السياسات بسبب تعاقب المسؤولين وعدم البناء على أساس واحد.
وأكد شحاتة تأييده لفكرة المجلس منذ أن طرحته الحكومة في جلسات الحوار الوطني، ويجب أن يتضمن المشروع نصوص بشأن استشراف المستقبل في ظل تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وهو ما يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة واندثار اخرى قائمة الآن، مشددا أنه يجب تضمين مادة تخص القضاء على الأمية وفق سقف زمني محدد، ووضع آليات واضحة لتمويل المجلس ووضع مؤشرات لمراقبة عمل المجلس وقياس أداؤه.
وتابع أن تطوير التعليم ومنح الحكومة رؤية لطبيعة السوق، واستهداف توحيد سياسات التعليم والتدريب لتحقيق التكامل هي قضية المستقبل، فمن المفترض أن المؤسسات التي نص عليها مشروع القانون هي 18 مؤسسة، وهي جزء كبير من الحكومة (عدا مؤسسة الأزهر وجماعته).
ونوه شحاتة أن هذه المؤسسات تعمل في تعاون مستمر وتنسيق خلال اجتماعات مجلس الوزراء الأسبوعي، أو بالتعاون بشكل ثنائي كل وزارة أو هيئة مع الأخرى؛ بهدف تطوير التعليم ومنح الحكومة رؤية لطبيعة السوق والسياسات التي على الحكومة اتخاذها ليتوافق احتياجات السوق مع سياسات التعليم والتدريب.
وأختتم أن يجب معرفة ما الذي استند إليه مجلس الوزراء في تحديد مدة اجتماع المجلس، بأن تكون مرة كل ثلاثة أشهر على الأقل، لأن التغيرات التي تصيب سوق العمل لا تتغير خلال هذه المدة، بل أنها قد تتخذ سنوات ليتغير طبيعته، وذلك نتيجة تغير توجهات الدولة واستراتيجيتها في مجالات متعددة، بالإضافة إلى طبيعة الاستثمارات التي تتدفق والتي تأخذ وقتها للاستقرار وتحقيق الانتاج، وغيرها من الأسباب الاقتصادية وكذلك الاجتماعية.
تشكيل المجلس الوطني الأعلى للتعليم
ويشكل المجلس برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وزير الصناعة، والوزير المختص بشئون التخطيط والتنمية الاقتصادية، وكذلك وزير الداخلية، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وزير المالية، وزير العمل، وزير الثقافة، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وكيل الأزهر الشريف، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والإعتماد.
إضافه إلى المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية لتدريب وتأهيل الشباب، ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية لضمان الجودة والإعتماد في التعليم الفني والتقني والتدريب المهني، وثمانية من الخبراء المتخصصين في مجال عمل المجلس، وأربعة من رجال الأعمال، حيث يصدر بأختيارهم قرار من رئيس الجمهورية، بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء لمدة عامين قابلة للتجديد لمدة أخرى مماثلة.
اقرأ ايضا