يحتفل المغرب بعد غد الأربعاء بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، وسط تطورات كبيرة ومتتالية تعرفها قضية الصحراء.
فبعد الخطاب الملكي عند افتتاح السنة التشريعية الجديدة، الذي خصص بالكامل لقضية الصحراء المغربية، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتنضاف إلى المحطات الفارقة.
وأكد الرئيس الفرنسي في خطابه داخل البرلمان المغربي أن حاضر ومستقبل الصحراء تحت السيادة المغربية، ليعقب ذلك إقدام موقع وزارة خارجية باريس على نشر خريطة المملكة كاملة.
وتعكس هذه التطورات في قضية الصحراء المغربية، وخصوصا موقف فرنسا، جدية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب من أجل حل هذا النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية.
اقتراب الحل النهائي
يرى الخبير في ملف الصحراء عبد الفتاح الفاتيحي أن هذه التطورات تكشف أن الملف يتجه نحو حل نهائي، موردا أن “المغرب يستند إلى الكثير من المعطيات الموضوعية، ولاسيما في ما يتعلق بتزايد التأييد لمبادرة الحكم الذاتي”.
ووفق الفاتيحي فإن “الموقف التفاوضي للمغرب اليوم يضمن تأييدا من دولتين دائمتي العضوية داخل مجلس الأمن الدولي”.
وينضاف إلى ذلك بحسب الخبير نفسه “الموقف البريطاني الذي يتبلور نحو اعتراف جديد، فضلا عن استعداد دول الاتحاد الأوروبي للإعلان عن إجماع على الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، لاعتبارها أن مبادرة الحكم الذاتي تبقى الخيار الأوحد لحل النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء”.
وسجل المتحدث نفسه أن “المملكة قد تقدم على خطوات كبرى نحو خلق واقع جديد، وهو ما يقصده الملك بكون المغرب سينتقل من مرحلة التدبير إلى مستوى التغيير”.
ولفت الفاتيحي، في تصريحه للجريدة، إلى أن “قوة الموقف التفاوضي المغربي ستحول جهات الصحراء لتصبح الأقوى في جلب الاستثمارات الأجنبية، خاصة بعد تجاوز التحديات القانونية”.
وهذا الأمر وفق الباحث في شؤون الصحراء ودول الساحل “سيمنح المغرب فرصة تعزيز الاستثمارات العمومية في البنية التحتية بجهات الصحراء، تمهيدا لإعلان انطلاق مشاريع المبادرة الأطلسية بمشاركة دول الساحل والصحراء الساعية إلى الحصول على منفذ بحري أطلسي”.
مسيرة دبلوماسية
بالنسبة إلى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط عباس وردي فإن “وصول الذكرى 49 للمسيرة الخضراء يكون معها ملف الصحراء المغربية وصل إلى مرحلة متقدمة، تجاوزت الترهات والأكاذيب التي كانت تروجها الأصوات الظلامية، على غرار الجزائر التي أصبحت دولة معزولة وسط المنظومة الدولية”.
ويرى أستاذ التعليم العالي ضمن تصريحه للجريدة أن “الذكرى 49 للمسيرة الخضراء ستحقق من خلالها المملكة بعد ما يقارب نصف قرن من النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية تقديم بنية متجددة، عنوانها مشروع الحكم الذاتي كحل وحيد وأوحد لحل الملف الذي عمر طويلا”.
وشدد عباس وردي على أن “المغرب أمام حصيلة جد متقدمة أطرت من خلالها الحنكة الملكية أسلوبا آخر، عنوانه احترام الشرعية الدولية والعمل الجاد ومواجهة الإشكالات التي كانت تروجها بعض الأصوات النشاز التي لم تكن لتستوعب هذا التقدم الدبلوماسي على المستوى القاري والدولي”.
وذهب المتحدث ذاته إلى أن “المغرب يدخل مرحلة مسيرة خضراء دبلوماسية تنضاف إلى مسيرة 1975، وتؤكد أن خيار المملكة ناجح من خلال انتزاع مجموعة من الاعترافات الدولية وافتتاح قنصليات، وضم الأقاليم الجنوبية للخريطة التامة من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، ودول مجلس التعاون الخليجي ودول إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، ما يؤكد ما ذهبت إليه البلاد بأنها لن تفرط ولو في شبر من ترابها”.