ما إن فتحت الأحياء الجامعية أبوابها أمام الطلبة المستفيدين من حق السكن الجامعي حتى تشكلت من جديد ملامحُ ظاهرةٍ لا تزال تثير الكثير من التساؤلات بخصوص إنهائها على الرغم من تأكيد مسؤولي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سابقا على أولوية التوجه نحو القضاء بشأنها، تتعلق أساسا بعمليات “بيع وشراء الغرف والأسِرّة” التي تتم عادة بين طلبة قاطنين وآخرين غير قاطنين.
واجتاحت منشورات مجموعات خاصة بأحياء جامعية بعينها على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق ببحثِ طلبةٍ وطالبات عن سبلِ “شراء” بطاقات الإقامة الخاصة بهذه المرافق الجامعية مقابل مبالغة مالية معينة، تبتدئ من ألف درهم، وهو ما ينتج عنه عادة وصول أفراد، سواء كانوا طلبة أم لا، إلى حقٍ لم يصل إليه طلبةٌ آخرون توفرت فيهم الشروط المطلوبة.
وتفاعل القائمون على شؤون وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بطريقة إيجابية مع ما جاء في تقرير المهمة البرلمانية الاستطلاعية الأخيرة حول الأحياء الجامعية، مؤكدين وقتها على “التوجه نحو القطع مع التسيب وكراء الغرف”.
وقال مصدر من المكتب الجامعي للأعمال الجامعية والثقافية إنه “منذ حادثة ‘حريق وجدة’ أعطيت توجيهات صارمة لفائدة مديري الأحياء الجامعية بالمملكة بغرض الحيلولة دون استمرار مثل هذه الظواهر، بما يؤثر على السير العادي لهذه المرافق، إلى جانب لجانِ مراقبة تمارس أعمالها في هذا الصدد”.
وأوضح المصدر ذاته، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “القرارات التي تصدر عن المكتب تنطوي على توجيهات تروم إعمال الصرامة في هذا الإطار وعدم السماح بأية ممارسات مخالفة للقانون”، مؤكدا أن “هذه التوجيهات أخذت طريقها إلى التطبيق، عبر إلزامية الإدلاء ببطاقة الإقامة لولوج الحي الجامعي”.
في السياق نفسه، ربطت هسبريس الاتصال بمسؤول في الحي الجامعي “السويسي 1” بالرباط، والذي أوضح أنه “فيما يتعلق بعملية التأشير على ملفات القاطنين بالأحياء الجامعية فإنها صارت كليا محصورة في يد مدير الحي الجامعي، بما يعني أن هوامش المناورة في هذا الصدد لم تعد لدى أي طرف، وهو من حسنات هذه الظرفية”.
وأقر المسؤول ذاته بـ”استمرارية إشكالية انخراط الطلبة المستفيدين من خدمات الإسكان في عملية بيع وشراء الأسرّة، حيث يعمدون إلى التنسيق فيما بينهم خارج الحي الجامعي؛ في حين توجد عمليات مراقبة يقظة في هذا الصدد، ويتم السهر على اتخاذ إجراءات صارمة في حق كل من تورط بهذا الخصوص”.
كما أكد أنه “يتم تجريد من يتم ضبطه من غرفته، كما يتم في أحايين أخرى إعادة تسوية وضعية الطالب الآخر الذي تحصل على فرصة السكن، في حالة ما تبين أنه يستحق ذلك نسبيا؛ من خلال إعادة النظر في وضعيته الاجتماعية وما الذي كان وراء عدم استفادته هو الآخر”.
وأشار المتحدث إلى أنه “يتم التشديد على عدم الانخراط في أية عمليات من هذا القبيل، إذ تم إعمال الصرامة في هذا الإطار، أكثر من السابق، بفعل التوجيهات الوزارية”، موردا أنه “بعد عملية الإسكان، يتم القيام بجولات للتأكد من مدى قانونية وجود كل طالب داخل أية غرفة”.
تفاعلا مع الموضوع يقول محمد بنساسي، رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب، إن ” إشكالية عمليات بيع وشراء الأسرّة داخل غرف الأحياء الجامعية أمر معروف ومنذ مدة؛ فهو أمر مؤسف بالفعل. ويبدو أن مختلف التدابير لم تتمكن بعد من اجتثاثه”، معتبرا أن “مديري الأحياء الجامعية في نهاية المطاف يدبرون أزمة متشعبة، اعتبارا لإشكاليات وجود فصائل طلابية تساهم في استدامة هذه الظاهرة”.
وأضاف بنساسي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الظاهرة التي نتحدث عنها تسيء إلى الجامعة المغربية والحي الجامعي، في وقت لم يتم بعد إيجاد بعد أي حل على الرغم من الوعود والمخططات”، موردا أن “إشكالية أخرى تظهر في هذا الصدد، وتتعلق أساسا بكون عدد من الغرف على مستوى الأحياء الجامعية يستغلها طلبة صاروا موظفين، وهو أمر صارا ربما مألوفا، فكيف يعقل أن موظفين يقطنون داخل حي مخصص للطلبة؟”.
كما شدد المتحدث على “أولوية حل مثل هذه المسائل التي تسيء إلى كل ما له علاقة بالجامعة، وتضرب في أولوية استفادة الطلبة من الطبقات الهشة من حقهم في السكن”، مبينا أنه “يجب أساسا اختيار المستحقين للسكن الجامعي، مع ضرورة التوجه نحو حل مختلف المشاكل الأخرى المتعلقة بطول مدة الإصلاحات وتدني الطاقة الاستيعابية لعدد من الأحياء الجامعية على الرغم من ارتفاع عدد طلبات السكن”.