يتزايد الاهتمام باستعمال الأمونيا النظيفة وقودًا بحريًا، بوصفها أحد البدائل النظيفة لخفض انبعاثات قطاع الشحن البحري في إطار السعي لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويُعدّ القطاع البحري مسؤولًا عن 80% من نقل البضائع عالميًا، ويُطلق نحو 4% من انبعاثات غازات الدفيئة المسبّبة لتغير المناخ؛ ما يستلزم تحوّلًا جوهريًا في الوقود المستعمل لتشغيل السفن والناقلات المختلفة.
ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تواجه الأمونيا عقبات كبيرة تتعلق بالتكلفة والسلامة بوصفها وقود شحن مقارنةً بغيرها، مثل الغاز المسال والميثانول والوقود الحيوي.
وتكمن جاذبية الأمونيا في أنها خالية من الكربون، وستكون وقودًا خاليًا من الانبعاثات إذا صُنِّعَت من الهيدروجين المنتَج بالكهرباء المتجددة؛ إلّا أن السلامة تشكّل تحديًا كبيرًا لنشر الوقود على نطاق واسع.
عوامل سلبية
قالت رئيسة العمليات التجارية في شركة التعدين ريو تينتو (Rio Tinto)، لور باراتغين: "حاليًا، يشكّل الافتقار إلى التنظيم، والخبرة في الاستعمال، وسُمّية الأمونيا على متن السفن، عوامل مضادّة للسلامة".
وتُعدّ شركة ريو أكبر منتج لخام الحديد في العالم وأكبر مصدر في دامبير، حيث أجريت تجربة نقل الأمونيا، وهي تدير سفن شحن تعمل بالوقود المزدوج، والتي تعمل بالوقود البحري التقليدي أو الغاز المسال، لكنها لم تستأجر -أو تطلب- سفنًا تعمل بالأمونيا.
وأضافت باراتغين: "عندما نثق نحن وشركاؤنا والصناعة والمجتمعات، في السيطرة على المخاطر بشكلٍ كافٍ، فإننا سننظر حينها في استئجار سفن الأمونيا التي تعمل بالوقود المزدوج، لكن ما يزال غير مؤكد متى سنقوم بذلك تحديدًا".
وعلى مستوى العالم، طُلبت 25 سفينة أمونيا تعمل بالوقود المزدوج فقط في عام 2024، متخلّفة عن أسطول يضم 722 سفينة تعمل بالغاز المسال و62 سفينة تعمل بالميثانول في العام نفسه، الذي يشمل الطلبات والسفن التي تعمل، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في وكالة رويترز.
ولا يوجد سوى سفينتين صغيرتين تعملان بالأمونيا في الخدمة الآن، بما في ذلك قاطرة في اليابان.
خطر تسرب الأمونيا
يشكّل تزويد السفن بالوقود تحديات خاصة مع الأمونيا، التي يُمكن أن تسبّب تسممًا حادًا وتلفًا للجلد والعينين والجهاز التنفسي.
وقال المدير العام لقسم الوقود البحري في شركة ميتسوي أو إس كيه لاينز (Mitsui OSK Lines)، يوشيكازو يوروشيتاني: "إن الخطر الأكبر هو التسرب خلال عمليات التزويد بالوقود"، بالإضافة إلى التسرب من خزانات الوقود.
وحدّدت دراسة أجراها المركز العالمي لإزالة الكربون البحري 400 خطر مرتبط بالتزود بوقود الأمونيا، التي يقول المركز، إنه يُمكن التخفيف منها بإجراءات مثل وصلات فصل في حالات الطوارئ لإغلاق الأنظمة عند اكتشاف تسرب.
ويعمل المركز على تطوير خطة مفصّلة للاستجابة للطوارئ في حالة تسرب الأمونيا، التي يصعب احتواؤها مقارنة بتسربات النفط.
وقال الرئيس التنفيذي للمركز العالمي لإزالة الكربون البحري، لين لو: "بالنسبة للنفط، أنت تراه.. فهو يبقى هناك وينتشر في الماء.. لكن الأمونيا تتبدد في الهواء".
وطوّرت شركة نيبون يوسين كايشا اليابانية (Nippon Yusen Kaisha)، التي وافقت على بناء أول ناقلة غاز متوسطة الحجم تعمل بالأمونيا في العالم، معدّات خاصة بالتزود بوقود الأمونيا.
وقال المدير العام لمجموعة أعمال الجيل القادم للوقود في الشركة اليابانية، تاكاهيرو روكورودا، إن الصناعة ستحتاج إلى وضع إرشادات للبحارة لإدارة الوقود بأمان.
من جانبها، اختارت سنغافورة -أكبر مركز لتزويد السفن بالوقود في العالم- شركات لدراسة جدوى الأمونيا لتوليد الكهرباء والتزود بالوقود، وتعمل على تطوير معايير التزود بوقود الأمونيا.
تكاليف باهظة
وفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، يتعين خفض التكاليف بشكل حادّ لجعل الأمونيا قادرة على المنافسة في التزود بالوقود.
وتُظهر أرقام الصناعة أن تزويد السفن بالأمونيا يُمكن أن يكلّف ما بين ضعفين و4 أضعاف تكلفة الوقود التقليدي، وذلك بسبب العرض المحدود لقطاع النقل البحري وكثافة الطاقة التي تقلّ بنحو مرتين ونصف عن الوقود التقليدي.
وقال لو: "إذا كنت تريد السفر للمسافة نفسها، فيجب عليك حمل نحو ضعفين ونصف هذه الكمية من الوقود، أو التزود بالوقود بشكل متكرر حتى يكون لديك ما يكفي من الوقود لتتمكن من القيام بهذه الرحلة".
وأشارت شركة وارتسيلا المصنّعة للمحركات (Wartsila) إلى أن محركات الأمونيا تحتاج -أيضًا- إلى صيانة إضافية لأن الوقود تآكلي.
ومع ذلك، تتوقع هيئة الشحن الأميركية أن تشكّل الأمونيا نحو ثلث وقود السفن بحلول عام 2050.
وقال مدير العمليات في شركة بنينسيولا لتوريد وقود السفن (Peninsula) كيني ماكلين: "من المؤكد أننا لن نطرح أيّ منتج في السوق حتى نتأكد بنسبة 100% من إدارة جميع المخاطر على النحو اللائق".
تضاعف إمدادات الأمونيا النظيفة
في سياقٍ متصل، تشير التقديرات إلى أن الأمونيا منخفضة الكربون يمكن أن تُشكِّل 13% من إجمالي الإمدادات العالمية للأمونيا بحلول 2030، حسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ومن المتوقّع أن تتضاعف إمدادات الأمونيا النظيفة بما يتراوح بين 22 و30 مرة، لتسجل 32 مليون طن متري بحلول عام 2030، في السيناريو المرتفع.
ووفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، هناك أكثر من 70% من المعروض في مراحل مختلفة من البناء أو التخطيط المتقدم، في حين ما تزال 30% من إمدادات الأمونيا النظيفة المخططة معرّضة لخطر الإلغاء أو التأخير، إذا لم يكن هناك طلب كافٍ.
ومن المتوقع أن تكون أميركا الشمالية والصين والشرق الأوسط أكبر المناطق من حيث إمدادات الأمونيا النظيفة، باستحواذها على 79% من الإنتاج العالمي بحلول عام 2030، حسب التوقعات الصادرة عن شركة بلومبرغ نيو إنرجي فايننس (Bloomberg NEF).
ومن المرتقب أن تهيمن إمدادات الأمونيا النظيفة على 92% من إجمالي المعروض الجديد، على مدى السنوات الـ6 المقبلة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..