كشف الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، تفاصيل المراجعة المصرية مع صندوق النقد الدولى، مشيرا إلى الجهود الكبيرة التى تقوم بها الدولة المصرية، على المستويين، الخارجى والدبلوماسى؛ فى محاولة لإيقاف الحرب فى قطاع غزة، وأيضا فى لبنان، معبرا عن حجم التبعات، التى يمكن أن تلحق بدول المنطقة فى حال اندلاع أى حرب إقليمية، والثمن الذى يمكن أن تدفعه كنتائج لتلك الحرب، وقال إن هذا الأمر، هو ما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى الحديث عن ضرورة إعادة النظر فى إجراء مراجعة مع صندوق النقد الدولى بشأن برنامجه مع مصر؛ حتى يمكننا استيعاب المستجدات المتلاحقة، التى لحقت بنا كدولة، رغم أننا كنا اتفقنا مسبقا على مستهدفات الدولة.
وأشار مدبولى، إلى قيام وزراء المجموعة الاقتصادية، ومحافظ البنك المركزى بالسفر إلى واشنطن لحضور الاجتماعات السنوية للصندوق، لافتا إلى أنه كانت هناك محادثات بناءة مع فريق الصندوق على هامش تلك الاجتماعات، كما لفت إلى نقطة مهمة للغاية، تتعلق بهذه المناقشات، والتى تتمثل فى أن المراجعة والتفاوض مع مسئولى الصندوق لا تتضمن أى مبالغ جديدة أو قروض إضافية، بل تشمل فقط مراجعة الالتزامات والمستهدفات وتوقيتات تحقيقها طبقا للظروف المحيطة والمستجدات الواقعة فى المنطقة، وهو ما يعنى أنه ليس هناك أى أعباء سيتحملها المواطن المصرى، فنحن نتحدث عن إطالة أمد بعض الإجراءات؛ حتى يتسنى لنا التخفيف من وطأة الظروف الراهنة.
وأكد مدبولى، فى المؤتمر الصحفى الأسبوعى للحكومة، الأربعاء الماضى، أن هذا الأسبوع، سيشهد زيارة للمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولى، ويعقب زيارتها مباشرة وصول فريق المراجعة الخاص ببرنامج مصر، تمهيدا لبدء المراجعة الرابعة بشأن البرنامج.
واستكمالا للملف الاقتصادى، قال مدبولى إنه برغم كل التوترات الإقليمية، وتأثيراتها الكبيرة للغاية على مصر، فقد شهدت زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية، للمشاركة نيابة عن الرئيس السيسى، فى مؤتمر اقتصادى مهم تنظمه المملكة عن ملف الاستثمارات، عدة لقاءات جانبية مع زعماء الدول المشاركين بالمؤتمر، حيث حرص جميعهم على التعبير عن تقديم رسالة تقدير كبير لموقف مصر ومساهمتها فى ظل الأزمة غير المسبوقة، التى تواجهها منطقة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن قادة العالم بالمؤتمر، أكدوا أنهم يدركون تماما حجم الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتق مصر جراء تبعات هذه الأزمات، وحجم الضغوط المحيطة بها، والظروف الجيوسياسية، التى تفرض مشكلات على حركة التجارة فى البحر الأحمر، إلى جانب المشكلات التى يواجهها أهالينا فى السودان، والتى دفعت أمين عام منظمة الأمم المتحدة للحديث صراحة عما يشهده السودان من أزمات غذاء قاسية جدا، وكذا الموقف فى كل من غزة ولبنان، حيث كانت معظم النقاشات ـ التى تم إجراؤها مع هؤلاء الزعماء ـ تحمل تقديرا للدولة المصرية وصمودها وسط هذه الظروف، مع القدرة على التعامل مع كل هذه الصدمات فى هذه المرحلة الصعبة.
كما أشار مدبولى، إلى أنه ذكر منذ أسبوعين المؤشرات الايجابية بتقرير مؤسسة «جولدمان ساكس» عن رؤيتها للاقتصاد المصرى رغم التحديات التى يواجهها، مضيفا أنه صدر منذ أيام قليلة تقرير وكالة الأنباء العالمية «رويترز» عن تقديراته حول الاقتصاد المصرى، والذى ذكر أن معدل النمو الاقتصادى فى مصر سيزيد خلال العام المالى الحالى، ليصل إلى 4%، متوقعا أن يتجاوز خلال العام الذى يليه نسبة 4.7%، وليقترب فى العام الذى بعده من 5.3% أو 5.5%، وذلك برغم كل تلك التحديات الراهنة المشار إليها، كما ذكر تقرير هذه الوكالة المتخصصة، لكن الأهم الذى صدر عن هذه الوكالة المتخصصة، أنها تحدثت عن التضخم، حيث توقعت أن يصل معدل التضخم خلال العام المالى الحالى 2024/ 2025 إلى حدود 20.4%، وتقديراتها حول العام المالى التالى 2025/ 2026 أن يصل التضخم إلى حدود 11%، وهو قريب للغاية مما سبق أن ذكرناه، حيث نستهدف مع نهاية 2025/ 2026 تضخما فى حدود 10٪.
وقال مدبولى: لذلك فإن تقديراتنا خلال عملنا فى المجموعة الاقتصادية، تتم بناءً على دراسات وعمل حقيقى على أرض الواقع، وهو ما يقودنى للإشارة إلى أن جميع أعضاء المجموعة الاقتصادية ومحافظ بنك المركزى خلال تواجدهم فى واشنطن لم يقتصر حديثهم فقط مع مسئولى الصندوق، ولكن توسعت لقاءاتهم، لتشمل المستثمرين والمؤسسات الدولية لعرض حجم الإنجازات الكبيرة، التى تمت فى ملف الإصلاحات الهيكلية، وأرقامنا والوضع الاقتصادى للدولة المصرية، وهو ما تم استقباله بصورة إيجابية للغاية، واطمأنوا بأن مصر تسير على المسار الصحيح، وأنه على الرغم من كل الضغوط الهائلة القائمة، فإن هناك ثقة لدى المستثمرين بأن مصر ستتجاوز كل هذه الأمور.
ولفت رئيس الوزراء إلى قيام وزير المالية بعرض ما سيتم فى ملف الإصلاحات الضريبية عدة مرات، مشيرا إلى موافقة مجلس الوزراء بصورة نهائية على ثلاثة مشروعات قوانين، قال: نعتبر أنها ستكون بكل المقاييس نقلة نوعية فى سبيل تيسير وتحفيز وتحسين الإجراءات لكل القطاع الخاص والمستثمرين، حيث أن المشروع الأول يختص بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الضريبية الموحد، الذى سبق أن صدر فى عام 2020، وهدفه التأكيد على عدم فرض أى أعباء جديدة على المواطن أو المستثمر، ولكن نحن نوفر مسارات بديلة أكثر مرونة وفاعلية، لتسوية المخالفات الضريبية بعيدا عن التعقيدات القانونية الموجودة أو الإجراءات المطولة، وبالتالى الحفاظ على وجود انتظام لتحصيل الموارد الضريبية، وفى نفس الوقت خلق بيئة صحية، تسهل على الجميع القيام بهذا الأمر.
واستطرد رئيس الوزراء، قائلا: القانون الثانى، وهو قانون مهم جدا، حيث يختص بالمشروعات التى يطلق عليها مشروعات صغيرة، وهو مشروع الحوافز والتيسيرات الضريبية للمشروعات، التى لا يتجاوز رقم أعمالها السنوى مبلغ 15 مليون جنيه، وأى من ينطبق على عمله هذا الشرط، سيتمتع بمجموعة كبيرة جدا من الإعفاءات والحوافز، التى تشجع هذه المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال على الانطلاق دون خوف من أى محاسبات ضريبية، موضحا أن القانون الأخير، يتمثل فى تسوية أوضاع الممولين وإنهاء المنازعات الضريبية القائمة، بحيث يتم وضع آلية لإنهاء كل المنازعات السابقة بصورة نهائية، وهذا الأمر كان مطلبا مهما من كل الممولين والمستثمرين، مؤكدا أن مجلس الوزراء، أقر هذه القوانين التى تعتبر نقلة كبيرة جدا، مشيرا الى أنه سيتم بعد أسبوعين عرض تعديلات مهمة جدا فى قانون الضريبة العقارية أمام الرأى العام، وتبسيط قانون الجمارك، والذى كان بدوره مطلبا آخر للمستثمرين والقطاع الخاص فى إطار تحسين مناخ الاستثمار فى مصر، فنحن نتحرك فى كل الملفات، التى تعهدنا بها؛ وذلك من أجل تهيئة مناخ الأعمال، ليكون أكثر جاذبية وتنافسية.
وطمأن الدكتور مصطفى مدبولى، المواطنين على الاحتياطى الاستراتيجى من السلع، مؤكدا أنها آمنة جدا، ولدينا رصيد جيد من السلع الأساسية، فليس لدينا أى نقص فى السلع الاستراتيجية، وقال: مثلما تابعتم معنا أيضا فى قطاع الأدوية، تمكنا من عبور الأزمة، التى كانت موجودة فى فترة ما، واليوم جميع الأدوية الأساسية متوافرة، وأؤكد هذا الأمر، كما أننا نعمل مع جميع شركات تصنيع الأدوية لوضع المخزون الاستراتيجى الخاص بها ليكون لمدة 6 أشهر قادمة، والأهم من ذلك، نعمل مع رئيس هيئة الدواء على منظومة جديدة، لتتبع أماكن تواجد الأدوية، وذلك من خلال الباركود، ومعرفة هذا الأمر بهدف الاطمئنان على عدم وجود أى محاولة للتلاعب أو ممارسات احتكارية فى هذا الشأن.
وعرض أحمد كجوك، وزير المالية، أهم المزايا الواردة بمشروعات قوانين حزمة التسهيلات الضريبية، التى أقرها مجلس الوزراء، مشيرا إلى أن الإجراءات التى تم إقرارها، بدأ بالفعل عدد منها فى التطبيق بقرارات إدارية، وتطلب بعضها تعديلات تشريعية يتم استيفاؤها، وتبدأ التنفيذ خلال هذا العام، لافتا إلى أنه فيما يخص مشروع قانون بشأن بعض الحوافز والتيسيرات الضريبية للمشروعات، التى لا يتجاوز رقم أعمالها السنوى 15 مليون جنيه، فإن الوضع السابق، كان يُشير إلى أنه لم يكن لدينا نظام ضريبى متكامل للمشروعات الصغيرة، وريادة الأعمال والشركات الناشئة، التى يقبل عليها الشباب، ولذا جاءت هذه الحزمة، لتستهدف دفع هذه الشركات نحو زيادة النمو، والتوسع فى التصدير، حيث تم إيجاد آلية متكاملة للدخول فى المنظومة بشكل سريع، وتحقيق فائدة كبيرة للمشروعات التى لا يتجاوز حجم أعمالها السنوى 15 مليون جنيه، كى تنضم لهذه المنظومة الجديدة، وتقديم تيسيرات مثل الإعفاء من ضرائب الدمغة، ورسم التنمية، وغيرها، لهذه المشروعات، مع تبسيط الأرباح التجارية بشكل كبير جدا، لتصبح ضريبة قطعية بحيث يدفع على كل شريحة رقم محدد، وبالتالى يعرف التزاماته، كما سيتم دفع ضريبة القيمة المضافة، بشكل مناسب جدا لتلك الشركات، بحيث يدفعها بشكل ربع سنوى، لتكون لديه مساحة وسيولة أفضل، ودفع بعض الالتزامات الأخرى بشكل سنوى، مشيرا إلى أنه سيتم اعتبار لحظة انضمام المشروع إلى هذا القانون والتسجيل فى المنظومة بمثابة ميلاد له، حيث لن يتم الالتفات للوراء، بل للأمام، وتشكيل بداية جديدة ودفع المشروعات لزيادة حجم أعمالها.
وعرض الوزير مزايا مشروع قانون تسوية أوضاع الممولين والمكلفين، مضيفا أنه تمت الإشارة إلى أمر مهم جدا فى القانون، وهو أن ما سيتم تقديمه من جانب الممول لمدة 5 سنوات ماضية، سيتم قبوله دون فحص، لإعادة الثقة بين الطرفين، وكلنا ثقة فى الاستجابة مع التسويق الجيد وتوضيح المعلومات وإيجاد الآليات على الأرض، أن هذا القانون سيقدم بمشيئة الله نقلة جيدة.