دعوة واضحة وصريحة وجهها النقيب عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، إلى حزب العدالة والتنمية بشأن “مراجعة موقفه من حكم الإعدام وإعادة النظر فيه”، بالتزامن مع التصويت “التاريخي” للمملكة المغربية، الثلاثاء، لأول مرة بالإيجاب على قرار الإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة، وهي “الخطوة الأولى نحو إلغاء عقوبة الإعدام”، التي ثمنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وقال الجامعي في رسالة مطولة، طالعتها هسبريس، موجهة إلى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، بسط خلالها 5 ملاحظات حول بلاغ الحزب في الشق المتعلق بعقوبة الإعدام (المؤرخ في 11 دجنبر): “إن الرأي السياسي لحزبكم تجاه عقوبة الإعدام معروف وتقليدي، وهو رأي أحترمه كما تفرضه علي الأخلاق الديمقراطية وقواعد الدستور، لكنني كنت أتصور أن تصححوا اليوم فهمكم الضيق لعقوبة الإعدام، وتتراجعوا عن الموقف الذي تدافعون فيه على عقوبة الإعدام أمام الملأ، والذي يأتي مع الأسف أكثر وضوحا في غرة ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وفي لحظة تقف فيها الإنسانية أمام أبشع جرائم القتل التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني”.
منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام نقيب المحامين المغاربة سابقا جدد التأكيد على أن “ما أثاره حزب البيجيدي من كون عقوبة الإعدام لها وظيفة رادعة قد تخفف من هول الجريمة، قول بعيد عن الحقيقة السياسية والقانونية والعلمية”، مستدلا بـ”نتائج الدراسات التي أعدت من مؤسسات جامعية علمية وحقوقية ومختبرات رصد الجريمة عبر العالم، وكلها أكدت أن الجريمة لا تردعها عقوبة الإعدام، ولا تحد من انتشارها ولا تكبح تطورها وتقلص محيطها، وما عليكم للمزيد من التفاصيل إلا البحث عن المعلومة المتوفرة في الموضوع”، وفق تعبيره.
وأضاف منتقدا “نعت بلاغ الحزب حول تصويت المغرب على قرار الجمعية العامة بأنه لا يمكن قطعا أن يعتبر مسارا نحو إلغاء عقوبة الإعدام”، بالقول: “أعتقد أنه قول فيه تسرع واستخفاف وتقليل من ذكاء المجتمع المغربي وذكاء الحقوقيين وعلماء القانون ونضال المناهضات والمناهضين، ممن كانوا وراء أكبر المكتسبات الحقوقية بالمغرب التي تجسدت في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة وفي تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان قبل 10 سنوات وغيرها من تقارير المنظمات الحقوقية والأحزاب الديمقراطية”.
وبعد أن استعرض النقيب أن “الدفع بكون تصويت المغرب على قرار الجمعية العامة بالإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام هو تحصيل حاصل؛ اعتبارا لأن المغرب لا ينفذ العقوبة أصلا منذ أكثر من ثلاثين سنة، هو دفع غاب عنه أو غيب البعد القانوني الموجب لتأسيس موقف عدم التنفيذ”، دعا الأمين العام لـ”البيجيدي” إلى “إعادة النظر في موقفكم من عقوبة الإعدام المهينة للكرامة الإنسانية، التي هي من صنف التعذيب والمساس بالحرمة الجسدية للإنسان والتي لا صلة لها لغة واصطلاحا ودلالة مع القصاص الذي رحل زمانه كما ولى زمن السن بالسن وولى زمن قطع الأيادي التي تجاوزتها المجتمعات الإنسانية بقرون”.
وختم الجامعي بعد تفصيله في “ملاحظاته الخمس”، قائلا: “أستسمحكم السيد الأمين العام لأطلب منكم أن تراجعوا موقفكم من عقوبة الإعدام”، وزاد بالشرح: “لأنكم بالدفاع عنها تحرضون على انتهاك الدستور ومبادئ حقوق الإنسان والحق في الحياة على الخصوص، وأن تتوقفوا عن الخلط بين الديني والسياسي والحقوقي والكونية والخصوصية، وأن تميزوا بين قواعد القانون الوضعي وقواعد الشريعة، التي هي نفسها تقبل التكييف مع واقع المجتمعات والشعوب، والتي سمحت تدبير أمور المعاملات بما فيها التعامل مع الجريمة ومع العقاب للمجتمعات وللمفكرين والقانونيين ليبدعوا فيها الحلول والمخارج العقلانية والمجتمعية التي تناسب عالم اليوم وتقدم الشعوب وتطور بيئتها مع ما له علاقة بالقيم والمفاهيم التي يفرضها العصر وتتلاءم مع ما هو متعارف عليه دوليا”.