تفاعل حقوقيون وباحثون في مجال الهجرة مع إعلان عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أخيرا، اشتغاله على مشروع إعداد قانون ينظم المساعدة القانونية والقضائية لفائدة فئات مجتمعية عديدة لتسهيل ولوجها إلى العدالة، مؤكدين أهمية الحاجة إلى التأطير القانوني للمبادرات القانونية الموجهة لفائدة مغاربة العالم، المرتقب أن تأخذ زخما، في ظل اتجاه المغرب نحو “خلق المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”، واقتضاء الالتزامات الدولية والحقوقية للمملكة مأسسة وتقنين هذه المبادرات للمهاجرين غير النظاميين واللاجئين بالأخيرة.
وكشف وهبي، خلال حلوله ضيفا على برنامج “نقطة إلى السطر” الذي يُبث على قناة “الأولى”، عن اشتغاله على “مشروع، منذ أشهر، يهم التفكير في إيجاد قانون للمساعدة القانونية والقضائية”، موضحا أن “القانون يشمل المساعدة لكل من اللاجئين والمهاجرين والمهاجرين السريين والطفل والمرأة؛ وبمقتضاه سيتم تنظيم سهولة ولوج جميع هذه الفئات إلى العدالة لحماية حقوقها”.
وأضاف وزير العدل: “وضعنا تصورا للقانون، فإذا خرج هذا الموضوع (القانون)، سنجيب على مجموعة من التوصيات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي نتلقاها في لقاءات جنيف، وعلى ما ورد مجموعة من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة”.
وشدد وهبي على أنه “بواسطة هذا القانون سوف يصبح المغرب ضمن صفوف (الدول) الأولى في مجال حقوق الإنسان”، مردفا: “أعتقد، بعد شهر أو شهرين، سوف يكون النص موجودا حتى نرسله (مسطرة المصادقة)”.
دعم الجالية
عبد الفتاح الزين، منسق الشبكة الإفريقية للهجرة والتنمية، ذكر بداية بأن “مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج توفر المساعدة القانونية والقضائية لجميع المهاجرين المغاربة أينما كانوا وبصرف النظر عن وضعيتهم النظامية، الذين هم أطراف في قضايا مدنية أو جنائية، من أجل ضمان شروط المحاكمة العادلة لهم، أو قضاء مدتهم السجنية في ظروف محترمة في حال تمت إدانتهم”.
وأوضح الزين، في تصريح لهسبريس، أن “المغاربة في وضعية غير نظامية بالخارج تمدُ المؤسسة لهم المساعدة القانونية كذلك من خلال تسوية وضعيتهم، سواء بالعودة أو بالاندماج”.
ولفت الباحث في شؤون الهجرة واللجوء إلى أن “خطوة قانون المساعدة القانونية والقضائية تأتي في سياق قرار محمد السادس إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بمغاربة العالم، من خلال بقاء مجلس الجالية كما هو مع إخراج قانونه، وخلق المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”، متسائلا: “هل ستمحو الأخيرة مؤسسة الحسن الثاني أو ستصبح ذراعا من أذرعها أو أحد ملحقاتها؟ وفي الحالين فإن هذه الهيئة سوف توفر خدمات جديدة للفئة التي نحن بصددها”.
واستحضر وجود “مبادرات سابقة عديدة لتوفير هذه المساعدة لمغاربة العالم من طرف الوزراء السابقين المكلفين بالمغاربة المقيمين بالخارج؛ من أبرزها تشكيل لجنة من المحامين المغاربة والأجانب المتطوعين لمواكبة ملفات المغاربة الذين يتعرضون لمشاكل أو يتم الاعتداء عليهم، سواء في الدول الأوروبية أو غيرها”.
وأوضح أن “هذه اللجنة، التي شكلها الوزير السابق عبد الكريم بنعتيق، تعد من أرقى ما وصل إليه المغرب في هذا الشأن؛ فلم تضم فقط محامين مكلفين بالدفاع عن حقوق مغاربة العالم، ولكن أيضا قانونيين بغرض مراجع المقتضيات القانونية الكفيلة بدعم هذه الحقوق”، عادا أن “الراجح أن وزارة العدل ستقبل حاليا على جمع هذه المبادرات والممارسات الجيدة في إطار قانون؛ ننتظر أن نرى كيف ستكون حلته”، بتعبيره.
وشدد على أن “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج لا يمكن أن تقوم بدورها في الإشراف على الممارسات الجيدة لدعم مغاربة العالم دون إطار ومأسسة قانونية، ومن خلال إدارات تشتغل بشكل دائم”.
“تجاوز الانتقائية”
ومن بين الفئات المعنية كذلك بقانون تنظيم المساعدة القانونية والقضائية، كما لفت عبد اللطيف وهبي، خلال حواره سالف الذكر، المهاجرون السريون واللاجئون الموجودون على أرض المغرب؛ وهو ما اعتبره إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، “ضرورة حقوقية وإنسانية”.
ولفت السدراوي، في تصريح لهسبريس، إلى أن الرابطة “واكبت ما بعد مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق كافة العمال المهاجرين وأفراد أسرهم؛ وتوقفت بدورها عند توصية تسهيل المغرب ولوج المهاجرين إلى العدالة، التي كانت من بين نتائج افتحاص احترام المغرب لهذه الاتفاقية”.
وأضاف الحقوقي عينه أنه “كانت ثمة إشارات ملكية رائدة في هذا الشأن، من خلال إطلاق الملك عمليتي تسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين؛ غير أنه سُجل تأخر في تنزيل التوصية المذكورة”، مردفا أنه “لذلك فإن إصدار القانون سالف الذكر خطوة مهمة، يجب أن تصحبها خطوات تطبيقية في أقرب الآجال”، وفق تعبيره.
وأكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان أن “اتخاذ المغرب مسار تقنين المساعدة القانونية والقضائية للمهاجرين واللاجئين سوف يزيد من تقوية صورته الحقوقية على المستوى الدولي، لا سيما في ظل اكتساب ملف الهجرة بعدا واهتماما دوليا غير مسبوق”، مبرزا أنه “سيساهم في فضح شبكات الاتجار بالبشر والاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها المنتسبون إلى هذه الفئة، من خلال تمكينهم من الولوج السلس إلى العدالة المغربية”.
وشدد السدراوي على أن “مبادرات مساندة المهاجرين في القضايا التي تخصهم وهم أطراف فيها يجب ألا تبقى مشتتة وغير مهيكلة وغير رسمية”، مردفا أن “هذه المبادرات في نهاية المطاف تظل استفادة المهاجرين منها ضئيلة وصعبة؛ فهي انتقائية لأن الإمكانيات اللوجيسيتكية لدى الجمعيات الحقوقية التي تقوم بها محدودة، وكذلك عدد المحامين المتطوعين معها”.