تشهد محافظة إب الواقعة جنوب العاصمة صنعاء، موجة جديدة من الانتهاكات الممنهجة التي تمارسها ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، في سياق حملات التنكيل المستمرة التى تستهدف المدنيين بمختلف شرائحهم.
وتمتد هذه الانتهاكات إلى استهداف العاملين في القطاع الخاص، من تجار ومالكي محال صغيرة، وحتى المزارعين والفئات الأشد فقرًا.
وخلال الأيام الماضية نفذت ميليشيا الحوثي حملات دهم واسعة ضد مالكي المطاعم في مدينة إب، ومديريات مذيخرة وذى السفال، وصولًا إلى منطقتي "الأفيوش" و"القاعدة".
وأكدت مصادر محلية أن هذه الحملات تضمنت فرض إتاوات مالية غير قانونية على التجار وأصحاب المطاعم، بإشراف قيادات حوثية بارزة مثل أحمد أنعم، المشرف فى مديرية مذيخرة، ومحمد حيدر الأسد، نائب رئيس "مكتب الصناعة" في منطقة القاعدة.
لم تقتصر هذه الإجراءات على التجار فحسب، بل شملت أيضًا المزارعين، حيث فرضت الجماعة إتاوات مالية وإجبارية تقديم محاصيل زراعية لدعم ما تسميه "المجهود الحربي".
ووثقت مقاطع فيديو تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لاعتداءات حوثية في منطقة الأفيوش بمديرية مذيخرة، حيث تعرض مواطنون للضرب المبرح لرفضهم دفع الجبايات.
وفى مديرية المخادر شمالى إب، شنت الميليشيا حملة قمع واسعة ضد باعة سوق مفرق حبيش، تضمنت فرض إتاوات جديدة، وجرف البسطات والاعتداء على أصحابها إلى جانب اختطاف عدد من الباعة والتجار.
وتشهد محافظة إب منذ أشهر حالة من الركود التجارى المتزايد نتيجة الجبايات الحوثية المستمرة، مما دفع العديد من التجار وأصحاب المشاريع الصغيرة إلى الإفلاس، ويشعر السكان بأن الميليشيا تهدف إلى تدمير أى فرصة للنمو الاقتصادى فى المحافظة مما يزيد من معاناتهم اليومية.
وبحسب مصادر حقوقية وقبلية، فإن الانتهاكات الحوثية فى إب تتجاوز استهداف الرزق لتشمل الزعامات القبلية والأكاديميين والقيادات المحلية، فى محاولة واضحة لتقويض أى معارضة محتملة وتعزيز هيمنة الميليشيا.
وتؤكد هذه المصادر أن ممارسات الحوثيين تحمل أبعادًا طائفية وتوسعية، إذ تعتمد على الإذلال والتجويع كوسيلة لإخضاع السكان وهى سياسة بدأت منذ سيطرة الجماعة على المحافظة في عام ٢٠١٥.
وفى ظل هذه الظروف، دعا ناشطون وحقوقيون أبناء محافظة إب إلى توحيد الصفوف لمواجهة الانتهاكات الحوثية، والاصطفاف خلف الدولة التي تمثل الضامن الحقيقي للحقوق والحريات.
وشددوا على أهمية تجاوز الخلافات بين المكونات السياسية والاجتماعية لتعزيز الجبهة الداخلية واستعادة المحافظة من قبضة المشروع الحوثي الذى يسعى لتغيير هوية اليمن الثقافية والحضارية.
من جانبه؛ أدلى وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، بتصريحات قوية تناول فيها الجرائم والانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي بحق أبناء محافظة إب؛ مبرزًا تأثير غياب التلاحم بين أبناء المحافظة على قدرتهم في مواجهة المشروع الحوثي.
وأشار الوزير إلى أن التفرق بين أبناء إب، وغياب جبهة موحدة تدافع عن قضاياهم وتصون دماءهم وأموالهم وكرامتهم، شجع الميليشيا الحوثية الإرهابية، التابعة لإيران، على التمادي في ممارساتها القمعية.
وأكد أن حالة التمزق الداخلي أسهمت في إضعاف موقف المحافظة وتهميشها، مما جعلها عرضة سهلة لجرائم الحوثيين.
وأوضح الإريانى أن ميليشيا الحوثى تسعى بشكل ممنهج لتعميق الانقسامات بين المكونات الاجتماعية والسياسية فى إب، ونشر الفرقة والتوظيف السياسى للنزاعات بما يخدم مشروعها التوسعى المدمر.
وأضاف أن الميليشيا تمارس أبشع الانتهاكات بحق المدنيين الأبرياء، بدءًا من القمع والإخفاء القسري، وصولًا إلى القتل والترهيب المنهجي، ما يؤدى إلى تفاقم معاناة المواطنين وتهديد الأمن والاستقرار فى اليمن بشكل عام.
دعا وزير الإعلام أبناء محافظة إب إلى تجاوز الخلافات وتوحيد الصفوف لمواجهة المشروع الحوثي الكهنوتي؛ مؤكدًا أن هذه الميليشيا لا تفهم سوى لغة القوة والإرادة الشعبية الجماعية.
وشدد على ضرورة الاصطفاف خلف الدولة التي تمثل الضامن الحقيقي للحقوق والحريات والعدالة والمواطنة المتساوية.
وأشار الإرياني إلى أن ميليشيا الحوثي تسعى لتغيير الهوية الثقافية والحضارية لليمن وتحويل البلاد إلى أداة طيعة لخدمة طموحات إيران التوسعية في المنطقة.
وأكد أن مواجهة هذه التحديات تتطلب تكاتف الجهود وتعزيز الشراكة بين مختلف القوى الوطنية والمكونات الاجتماعية، من أجل تحقيق النصر واستعادة اليمن من قبضة المشروع الإمامى السلالي.
واختتم الوزير تصريحاته بالتأكيد على أن قوة المجتمع تكمن فى تماسكه والتفافه حول المبادئ الوطنية التي تضمن المساواة والعيش الكريم لجميع المواطنين.
وشدد على أن وحدة الصف بين أبناء إب، هي السبيل الأنجح لاستعادة الحقوق المسلوبة وتحقيق مستقبل أفضل للمحافظة واليمن بأسره، مشددًا على ضرورة تحمل الجميع مسئولياتهم الوطنية فى هذه المرحلة الحرجة.
ويرى المراقبون أن الجرائم الحوثية المستمرة بحق أبناء محافظة إب لا تهدد أمنها فقط بل تطال استقرار اليمن بأسره، ومواجهة هذه التحديات تتطلب تكاتف الجهود بين أبناء المحافظة والمكونات الوطنية كافة، لضمان استعادة الحقوق وصون الكرامة، وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.