في أول لقاء له مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، منذ توليه حقيبة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في إطار التعديل الحكومي الأخير، استمع محمد سعد برادة، الثلاثاء، إلى جملة من الملفات العالقة في قطاع التعليم، على رأسها تلك الخاصة بتنفيذ جميع مقتضيات الاتفاقين السابقين الموقعين بين الوزارة وهذه الهيئات النقابية، في 10 و26 دجنبر 2023، وأجرأة بنود النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية.
وكشفت بعض الهيئات النقابية لجريدة هسبريس الإلكترونية أن اللقاء الذي جمعها ببرادة تطرّق كذلك إلى مسألة إرجاع الاقتطاعات من أجور المضربين إبان الحراك التعليمي الموسم الدراسي الماضي، وسحب العقوبات التأديبية، فضلًا عن ملفات فئات أخرى تنشد الإدماج في النظام سالف الذكر، على رأسها مربو التعليم الأولي، فيما أوضحت أخرى أنها ناقشت مع الوزير بدورها “تنزيل كافة بنود الاتفاقات سالفة الذكر والنظام الأساسي، بما فيها تلك التي تخص المساعدين التربويين والمتصرفين والدكاترة والمبرزين”.
وجاءت هذه اللقاءات بدعوة من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وحضرها بالإضافة إلى أعضاء من المكاتب الوطنية للنقابات التعليمية والوزير محمد سعد برادة كل من الكاتب العام للوزارة، ومدير مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر، ومدير مديرية الشؤون القانونية والمنازعات.
زهير جعفري، عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم -التوجه الديمقراطي FNE، قال إن “اللقاء الأولي الذي جمع الجامعة بوزير التربية الوطنية كان مناسبة لطرح مجموعة من مضامين اتفاقي 10 دجنبر و26 دجنبر 2023، التي مازالت عالقة ولم يتم تنزيلها بعد، ومنها التقاعد التكميلي لأساتذة الابتدائي والإعدادي وللأطر المختصة والخاصة بالمساعدين التربويين والمتصرفين بوزارة التربية الوطنية، إضافة إلى تخفيض ساعات العمل، وملف الزنزانة 10، فضلًا عن احترام الحريات النقابية”.
وأضاف جعفري، في تصريح لهسبريس، أن نقابته طرحت كذلك مطلب “إرجاع الاقتطاعات من أجور المضربين، وسحب العقوبات التأديبية من الملفات الإدارية للأساتذة”، موضحًا أن “الوزير لم يحسم مع الجامعة في أي مطلب طرحته على طاولته، إلا أنه وعد بأخذ جميع المطالب العالقة المطروحة بعين الاعتبار، وإحالتها على الكاتب العام للوزارة لكي يتابع مع النقابة سبل الاستجابة لها، على أساس أن يترافع الوزير لدى رئيس الحكومة من أجل حل النقاط العالقة غير المرتبطة بالقطاع لوحده”.
وأورد عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم- التوجه الديمقراطي FNE أن “النقاط الأخيرة هي تلك التي لديها كلفة مالية، من قبيل إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور المضربين، وتلك الخاصة بالتعويضات التكميلية للفئات سالفة الذكر، والتعويض عن المناطق النائية، فضلًا عن رفع عدد المقاعد المتبارى عليها في مباراة ترقية حاملي الشهادات، التي كانت موضوع اتفاق منذ سنة 2022؛ ولم يتم إخراجها حتى هذه السنة”.
وأوضح المتحدث نفسه أن “اللقاءات بين النقابات الأكثر تمثيلية والوزارة التي تهم مجموعة من القضايا، بما فيها ملف الحركة الانتقالية وتنزيل مضامين الاتفاقين سالفي الذكر، مازالت مستمرة، ومازال الاشتغال عليها إلى حدود الآن؛ إلا أن تلك التي تمتلك طابعًا ماليًا أو تتدخل فيها قطاعات أخرى فتستوجب تدخلًا من الوزير لدى رئيس الحكومة للحسم فيها”.
جدير بالذكر أن الجامعة أخبرت الوزير محمد سعد برادة خلال اللقاء، كذلك، بـ”ضرورة إدماج مربيات ومربي التعليم الأولي وعمال الحراسة والنظافة والطبخ في النظام الأساسي لموظفي الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية؛ والزيادة في أجورهم وتحسين شروط عملهم؛ كما سجل الوفد ملاحظاته حول مدارس الريادة تصوّرًا وتدبيرًا عند تنفيذها”، وفق بلاغ لها.
من جهته قال الصادق الرغيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل: “هذا اللقاء مع الوزير الجديد اعتبرناه أوليًا على أساس أن تعقبه لقاءات أخرى للتفصيل أكثر في الملفات العالقة في قطاع التربية الوطنية”، مردفًا بأن نقابته “طرحت أمام الوزير مقتضيات النظام الأساسي الجديد لموظفي القطاع الموقع عليه في 26 دجنبر 2023، واتفاق 10 دجنبر من السنة ذاتها، التي لم يتم تنزيلها بعد”.
وأوضح الرغيوي، في تصريح لهسبريس، أنه “إلى حد الآن جرى تنزيل مجموعة من مقتضيات هذا النظام الأساسي، لكن مازالت هناك أخرى مهمة ومحورية تقتضي تنزيلًا مستعجلًا، وهو ما وضحته النقابة للوزير”، مضيفًا: “جرى الاتفاق بين النقابة والوزير على المواكبة اليقظة لكل مراحل تنزيل هذه المقتضيات؛ لأنه في اعتقادنا أن أي نظام أساسي صدر منذ سنة 1985 غالبًا ما صاحَب تنزيله ظهور ثغرات”.
وتفاعلًا مع سؤال للجريدة حول طرح مسألة إرجاع الاقتطاعات من أجور المضربين، وسحب العقوبات التأديبية من المضربين، شدّد الفاعل النقابي ذاته على أن “لقاء أمس خصص لوضع النقاط العريضة، وليس للتفاصيل؛ ومن هذه النقاط عدم استفادة مجموعة من الملفات من المكتسبات المقررة لهم في النظام الجديد، وانتظار أخرى لحلول لمشاكلها الفئوية، من قبيل المساعدين الإداريين والدكاترة والمبرزين”.
وأكد المتحدث ذاته أن “بعض النقاط المطروحة في اللقاء ستتم معالجتها في اللجان التقنية التي مازال نشاطها مستمرًا، وتجتمع أسبوعيًا، والبعض الآخر سوف يُحل في إطار اللجنة العليا في اللقاءات المقبلة مع وزير التربية الوطنية”، كاشفًا أن “الوزير أبدى استعداده لمواصلة الحوار مع النقابات بالمنهجية السابقة نفسها، بل وإغناء المقاربة التشاركية لتسريع إيجاد الحلول الممكنة لكل المشاكل التي تطرح من قبل الهيئات النقابية”.