اختارت ناشطات حقوقيات مواكبات لملف العاملات الموسميات المغربيات في حقول الفراولة بإسبانيا التنبيه مجددا إلى أن المقتضيات التشريعية الجديدة التي حملها قانون عمل المهاجرين بالدولة الإيبرية، لم يواكبها “تحسن كبير” لوضعية هؤلاء العاملات، “بالنظر إلى كونهن لا يملكن دراية كافية بهاته المقتضيات ولا بآليات الدفاع عن حقوقهن ضد انتهاكات المشغلين، من قبيل التواصل مع النقابات الإسبانية”.
ورغم أن الناشطات اللائي تحدثن لجريدة هسبريس الإلكترونية، بمناسبة إعلان جمعية منتجي ومصدري الفراولة اعتزامها استقدام آلاف العاملات المغربيات الجدد، لفتن إلى أن “العاملات اللائي اشتغلن في مواسم ماضية في حقول الفراولة تكونت لديهن معرفة بأهم الحقوق التي يجب أن يتمتعن بها في بيئة عملهن”، إلا أنهن أكدن أن “هؤلاء العاملات شأنهن شأن الجدد يحتجن إلى دورات تكوينية مكثفة حول المقتضيات سالفة الذكر، ينبغي على الوزارة الوصية أن تنظمها أسابيع قبل مغادرتهن صوب ويلبا”.
هؤلاء الناشطات المنتميات إلى فيدرالية رابطة حقوق النساء تحديدا، التي كانت نظمت زيارات ميدانية عديدة إلى الحقول الواقعة بمدينة ويلبا الإسبانية على وجه الخصوص، يقلن إنهن مستعدات للمساهمة في تنظيم وتأطير هذه الندوات، ومساعدة الدولة على مواكبة أوضاع هؤلاء العاملات بعد سفرهن، غير أنهن يشتكين غياب آليات للتواصل مع الوزارة بشأن هذا الموضوع.
وأعلنت جمعية منتجي ومصدري الفراولة (Freshuelva) مؤخرا عن قرارها توسيع استقدام العاملات الموسميات من المغرب، “في طار معالجة نقص اليد العاملة الذي شهدته الحملة السابقة، حيث تم ترك حوالي 3000 وظيفة شاغرة من الحصة المقررة للعاملين الموسميين، وهو ما أثر بشكل ملحوظ على الإنتاج الزراعي في ويلبا، أحد أكبر المراكز الأوروبية لإنتاج الفراولة”.
“ضرورة التكوين”
في هذا الإطار، أكدت لطيفية بوشوى، ناشطة حقوقية، أن “وضع العاملات الموسميات في حقول الفراولة بإسبانيا تحسن بشكل كبير في السنوات الأخيرة بفعل صدور مجموعة من المستجدات القانونية تساوي في الحقوق بين العمال المهاجرين ونظرائهم الإسبان، وكذا تحسن جودة مراكز الإقامة، وتمديد مدة العقود التي يتم إبرامها لتنتقل من ثلاثة إلى ستة أشهر”، مستدركة بأنه “مع ذلك، ما زالت هناك تحديات وإكراها عديدة، منها عدم احترام ساعات العمل، والاكتظاظ ببعض الضيعات التي لا يحترم أصحابها القانون، فضلا عن قلة زيارات التفتيش”.
وأضافت بوشوى، في تصريح لهسبريس، أن “العاملات الزراعيات أصبح لديهن الحق في الانتماء النقابي، وصارت نقابات إسبانية كثيرة تتحرك من أجل استقطابهن، إلا أنهن لا يمارسن هذا الحق بعد”، موضحة أن “ذلك راجع من جهة إلى عدم علمهن بحقوقهن وكيفية الدفاع عنها بالنظر إلى أمية غالبيتهن، ومن جهة أخرى إلى خوفهن من أن أي انتفاض ضد الانتهاكات الممارسة في حقهن قد يؤدي بهن إلى فقدان عملهن”.
وشددت الناشطة الحقوقية المواكبة لملف العاملات الموسميات على “وجوب تنظيم وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات دورات تكوينية مكثفة لتوعية هؤلاء العاملات الزراعيات بحقوقهن والآليات والمساطر التي يمكنهن سلكها ضد التجاوزات والانتهاكات التي تطال هذه الحقوق”، موردة أن “التكوين يجب أن يشمل جميع المعنيات، إذ رغم وجود برنامج مهم في هذا الجانب، هو برنامج وفيرة، إلا أن عدد المستفيدات منه قليل جدا”.
وتابعت المصرحة لهسبريس بأن “المجتمع المدني مستعد للمساهمة في تأطير هذه الدورات، وتقديم مقترحاته للقطاع الوصي بخصوص كيفية النهوض بأوضاع العاملات الزراعيات، إلا أن الإشكال أن هذا القطاع لا يتوفر على آليات للحوار المؤسساتي مع الجمعيات المتابعة لهذا الموضوع، إلى حدود اليوم”.
“إشكال معرفة”
من جانبها، قالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، إن “الفيدرالية كان لها ترافع طويل عن ملف العاملات الزراعيات في حقول الفراولة بالجارة الشمالية، إذ قدمت توصيات عديدة إلى السلطات المغربية والإسبانية من أجل الحد من هضم حقوقهن من قبل المشغلين وتحسين ظروف اشتغالهن”، مردفة أن “التعديلات التي أجريت على قانون عمل المهاجرين في إسبانيا حسنت وضعهن بشكل ملموس، لا سيما وأنها أقرت منحهن بطاقات الإقامة التي تضمن لهن شغلا قارا طيلة أربع سنوات من جهة، وحق الانخراط في النقابات للترافع عن مطالبهن من جهة ثانية”.
وأضافت موحيا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “النساء اللواتي سبق لهن أن اشتغلن في هذه الحقول خلال الموسم الماضي، يعرفن ظروف العمل وحقوقهن التي يجب أن يحفظها لهن المشغلون، إلا أنهن لا يعلمن بالمكتسبات الجديدة التي جاء بها القانون، بينما العاملات اللواتي سينضممن إليهن خلال الموسم القادم ربما لا يعلمن بهذه المقتضيات ولا بتلك الحقوق”، مشددة على أن “هذا الأمر يفرض على الوزارة الوصية أن تقوم بتحسيسهن وتوعيتهن سواء في هذه الأمور أو في ما يتعلق بالشروط التي ينبغي أن تراعيها عقود العمل”.
وقالت رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء: “الموسم المقبل يجب أن تتم خلاله مواكبة الوزارة الوصية للعاملات بالدعم النفسي والاجتماعي، بالنظر إلى أنهن يعشن عزلة حقيقية خلال أشهر اشتغالهن في حقول الدولة الإيبيرية”، مطالبة “نظيرتها الاسبانية بتكثيف زيارات التفتيش إلى مراكز الإقامة وحقول الفراولة لمراقبة مدى التزام المشغلين بقانون الشغل”.
ودعت موحيا “الطرفين المغربي والاسباني إلى مراجعة اتفاقية الهجرة الدائرية لـ25 يوليوز 2021 لتتلاءم مع المقتضيات التشريعية الجديدة لقانون العمل والهجرة الإسبانيين الجديدين”، موضحة أن “تنظيمات المشغلين والمسؤولين الإسبان في ويلبا، الذين جلسنا معهم خلال زيارتنا إلى هذه الحقول، يؤكدون أنهم يحترمون الشروط الدنيا التي نصت عليها الاتفاقية”.
وتابعت: “يجب أن تتضمن هذه الاتفاقية أيضا التنصيص على إحداث آلية يتحمل الطرفان أو أحدهما من خلالها تكاليف التعويض عن حوادث الشغل التي قد تتعرض لها هؤلاء العاملات، من أمراض أو كسور أو غيرها”.