في محاكمة مثيرة للجدل، وقفت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لتفصل في قضية تمس جوهر المهنة القانونية في مصر، وهي قضية المحامي منتصر الزيات.
كانت الدعوى، التي حملت رقم 54388 لسنة 77 قضائية، تطالب بشطب الزيات من جداول المحامين، متهمة إياه بالتطرف الفكري ودعمه للعنف والتكفير، إضافة إلى إدانته في قضية إهانة القضاء.
تفاصيل الدعوى
كانت الدعوى قد تقدم بها المحامي هاني سامح، الذي اعتبر أن الزيات لا يستوفي شروط حسن السيرة والسلوك المنصوص عليها في قانون المحاماة، حيث أشار إلى أن مواقفه وتصريحاته العامة تتعارض مع القيم التي يجب أن يتحلى بها المحامي. ويُذكر أن الزيات كان قد أُدين في الماضي في قضية إهانة القضاء، وهو ما زاد من تعقيد موقفه القانوني.
لكن الأهم من ذلك كانت التصريحات التي أدلى بها الزيات في عدة مناسبات إعلامية، والتي أظهرت دعمه لفكر تكفيري. وتُعد تصريحاته حول الكاتب فرج فودة، الذي تم اغتياله في تسعينات القرن الماضي، من أكثر النقاط إثارة للجدل. فقد قال الزيات في إحدى تصريحاته الشهيرة: “فرج فودة قتل ويستحق القتل مائة مرة… محدش هايخوفنا بقضية فرج فودة.. فرج فودة كافر.. حكمه القتل وقد قتل ويستحق القتل والشباب الذين قتلوه لم يفعلوا إلا الصواب” هذه الكلمات التي وصفها المدعي بأنها تمثل دعوة صريحة للعنف والتطرف، أثارت غضب العديد من الحقوقيين والمحامين الذين رأوا أن هذه التصريحات تتناقض مع المبادئ الأساسية التي يجب أن يتحلى بها أي محام.
إجراءات الدعوى
تقدمت الدعوى للمطالبة بشطب الزيات من جداول المحامين، وهو ما يعكس جهدًا قانونيًا للتصدي لمن وصفهم المدعي بأصحاب المواقف المتطرفة. كانت الدعوى تهدف إلى تأكيد أن المحامي يجب أن يكون قدوة في الالتزام بالقانون واحترام حقوق الآخرين، وأن أي تهاون مع الأشخاص الذين يروجون للعنف والتكفير من شأنه أن يضر بشكل بالغ بمهنة المحاماة.
وكان من المتوقع أن تواجه الدعوى تحديات قانونية معقدة، خصوصًا أن الزيات كان له تاريخ طويل في الساحة القانونية والسياسية. فهو أحد الشخصيات المثيرة للجدل في مصر، وله سجل طويل من التصريحات المدوية التي تجمع بين التأييد للجماعات المتشددة والدعوة لتغيير الوضع السياسي بالقوة.
حكم المحكمة
بعد فترة من التداول والمداولات القانونية، قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى، مشيرة إلى أن الدعوى تفتقر إلى القرار الإداري بشطب الزيات من جداول المحامين. ووفقًا للمحكمة، لم يكن هناك قرار رسمي صادر عن نقابة المحامين أو أي جهة قضائية أخرى يثبت أن الزيات تم شطبه فعلاً أو تم اتخاذ إجراء إداري ضد قيده في الجداول.
ورغم ذلك، فقد اعتبر المدعي هاني سامح هذا الحكم خطوة مؤقتة، وأعلن عن عزمه الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، مشيرًا إلى أن هذا الطعن سيكون في إطار حماية مهنة المحاماة من التورط في دعم الإرهاب أو التشجيع على العنف. وأكد سامح أن هذه القضية لا تقتصر فقط على شخص الزيات، بل هي قضية تتعلق بحماية المجتمع من الفكر المتطرف الذي يمكن أن يهدد استقرار الوطن.