شهد الاقتصاد المصري في عام 2024 أحداثاً قوية، إذ تزايدت التحديات الاقتصادية وتراجعت بعض المؤشرات الأساسية. وعلى الرغم من بعض التحسن في الاحتياطيات الأجنبية، فإن القضايا المرتبطة بالتضخم، الديون، والعجز المالي لا تزال تشكل ضغوطًا كبيرة على الاقتصاد.
وكان الجنيه المصري أحد أبرز المؤشرات الاقتصادية التي شهدت تقلبات ملحوظة خلال العام، ومع ذلك، شهدت السوق السوداء حالة من الجمود منذ تحرير سعر الصرف في مارس 2024، حيث انخفض الجنيه من مستويات أقل من 31 جنيهًا للدولار الواحد إلى مستوى يقترب من 51 جنيهًا في البنوك، وهو أعلى مستوى في تاريخ السوق الرسمية.
وفي فبراير 2024، وقعت الحكومة المصرية صفقة مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة مع شركة “ADQ” القابضة الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار، كأكبر صفقة استثمارية في تاريخ مصر، ما ساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي.
بموجب الصفقة، حصلت مصر على 24 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، بجانب تحويل 11 مليار دولار قيمة ودائع دولة الإمارات لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات، وتحصل القاهرة على 35% من إيرادات المشروع.
وفي مارس 2024، توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض الموقع في ديسمبر 2022، من 3 إلى 8 مليارات دولار، وذلك بعد تعثر الاتفاق بسبب تأخر القاهرة في تنفيذ بعض الإصلاحات.
كما أتاح الاتفاق لمصر الحصول على 1.2 مليار دولار من صندوق الصلابة والاستدامة، بجانب تمويلات أخرى من الشركاء الثنائيين، وعلى رأسهم البنك الدولي.
وخلال الفترة من أبريل إلى أغسطس، حصلت مصر على الشريحتين الثانية والثالثة من قرض الصندوق بقيمة 820 مليون دولار لكل منهما، بعد حصولها على الشريحة الأولى بنهاية 2022 بقيمة 347 مليون دولار.
وتترقب مصر الحصول على الشريحة الرابعة من قرض الصندوق بقيمة 1.3 مليار دولار، بمجرد الانتهاء من المراجعة الرابعة وإقرارها من قبل المجلس التنفيذي للصندوق، ما يمهد لها الطريق للحصول على 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة.
اتبعت الحكومة المصرية سياسات تهدف إلى تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، مثل برنامج الطروحات الحكومية الذي يهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص.
وساهمت التدفقات النقدية الدولارية التي جذبها الاقتصاد المصري خلال الأشهر الماضية، خاصة منذ مارس 2024، في تعزيز احتياطي النقد الأجنبي، الذي سجل مستوى تاريخيًا وصل إلى 46.9 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي. ومع ذلك، لا تزال تحديات الديون الخارجية وعجز الموازنة تضغط على الاقتصاد.
وكانت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصرية، الدكتورة رانيا المشاط، قد أوضحت الناتج الـمحلي الإجمالي للاقتصاد المصري سجّل مُعدّل نمو 2.4% خلال الربع الأخير من العام الـمالي الماضي 2023 -2024، ليصل معدل النمو السنوي إلى 2.4% مُقارنة بمُعدّل نمو 3.8% في العام الـمالي الأسبق 2022- 2023 تأثّرًا بالصدمات الخارجيّة الـمُتتالية والتوتّرات الچيوسياسيّة، بالإضافة إلى السياسات الانكماشية التي انتهجتها الحكومة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وعلى رأسها حوكمة الاستثمارات العامة.
أما فيما يخص التوقعات حول الاقتصاد، فقد تنوعت آراء المؤسسات المالية حول أداء الاقتصاد المصري في 2024، حيث توقع صندوق النقد تراجع التضخم تدريجيًا في النصف الثاني من العام مع استقرار سعر الصرف، إلا أنه أشار إلى أن النمو الاقتصادي سيظل مرتبطاً بالضغوط على الطلب المحلي.
في المقابل، توقع البنك الدولي أن يسجل الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 3.0%، مع تحسن ملحوظ في النصف الثاني من العام، مشيرًا إلى التحديات المستمرة مثل عبء الدين العام وعجز الموازنة.
وتتفق أغلب المؤسسات على أن الاقتصاد المصري قد شهد تحسنًا تدريجيًا في 2024، ولكن ستظل التحديات الكبرى قائمة، ويُتوقع أن يستقر الجنيه المصري عند 50.4 جنيه للدولار بحلول منتصف 2025.