يعتبر التحالف الأمريكي الإسرائيلي، أحد أكثر العلاقات رسوخًا واستمرارًا في السياسة الدولية، على أعتاب تطور، في حين أن جوهر الشراكة المتجذر في المصالح الاستراتيجية المشتركة والرابطة التاريخية العميقة لا يزال قويًا، إلا أن عدة عوامل قد تدفع العلاقة إلى مرحلة جديدة، تعيد تشكيل طبيعتها بطرق تعكس المشهد الجيوسياسي المتغير.
“ترامب يقرر رقطع العلاقات المباشرة مع نتنياهو”.. لقد انفجر الخلاف بين ترامب ونتنياهو على الملأ، لكن لا تنخدعوا بالعناوين الرئيسية.
الأمر لا يتعلق بالمشاعر؛ بل بالسيطرة، يركز ترامب، في ولايته الثانية، بشدة على إبراز القوة الأمريكية دون التورط في مأزق إقليمي فوضوي.
وفي هذا السياق، علقت إيرينا تسوكرمان محامي الأمن القومي الأمريكي، أن المحفز الأساسي لهذه الأزمة يعود إلى تهنئة رئيس الوزراء الإسرائييل بنيامين نتنياهو المبكرة لجو بايدن بعد عام 2020، وتأخيره الطويل في تأييد ترامب لعام 2024.
كما أصبحت غزة، من وجهة نظر ترامب، أحد هذه المستنقعات، من ناحية أخرى، نتنياهو محاصر بين سياسات الائتلاف، وضغوط إنقاذ الرهائن، والجمهور المطالب بالانتقام والحل لهذه الأزمة.
وأوضحت إيرينا تسوكرمان محامي الأمن القومي الأمريكي خلال تصريحات خاصة لـ “مصر تايمز”، أن ترامب لا يغفر ما يراه خيانة، لكن القضية الأعمق هي غزة.
وينظر ترامب إلى حرب إسرائيل المطولة، وخاصة التأخير في تطهير رفح، على أنها مسؤولية استراتيجية، كلما تأخرت إسرائيل، كلما حصلت حماس على مزيد من الوقت لإعادة تنظيم صفوفها، وتزايد الغضب الدولي، مما يمنح الصين وإيران وحلفائهما ميزة دعائية.
وتابعت تسوكرمان أن ترامب يريد إنهاء غزة أمس، وليس اليوم ولا غدا، حيث أن نتنياهو خوفًا من التداعيات السياسية للخسائر البشرية الكبيرة والضغوط الخارجية، يتردد، و يعتقد ترامب أن على إسرائيل إما إنهاء المهمة .
عواقب الخلاف
لهذا الخلاف عواقب عملية فاليمين الإسرائيلي، الذي كان يومًا ما متحالفًا تمامًا مع “جعل أمريكا عظيمة مجددًا”، منقسم الآن، تُحبط نبرة ترامب الهادئة المتشددين في الليكود، بينما يتفق الجنرالات الإسرائيليون بهدوء مع نفاد صبره الاستراتيجي.
في هذه الأثناء، يواصل البيت الأبيض دعم الأسلحة، لكن فريق نتنياهو لم يعد يفترض دعمًا غير مشروط، توقعوا ضغوطًا أكثر دقة، تأخير في التحويلات، وتشديد الشروط على المساعدات الأمريكية، ومحادثات هادئة مع الإمارات ومصر والأردن حول استقرار غزة بعد الصراع.
مرحلة جديدة
وأكدت محامي الأمن القومي الأمريكي أن ترامب لا يتخلى عن إسرائيل، بل إنه فقط نفد صبره تجاه الحروب البطيئة التي لا استراتيجية للخروج منها.
في غضون ذلك، يشهد المشهد السياسي في إسرائيل تطورًا ملحوظًا، ففي عهد رئيس الوزراء نتنياهو، انتهجت إسرائيل بشكل متزايد نهجًا أكثر حزمًا، يُولي الأمن الأولوية، ويتضمن تكتيكات أكثر تشددًا في غزة، ويزيد من انزعاجها من المفاوضات الدبلوماسية التقليدية.
وأدى هذا الموقف أحيانًا إلى خلافات مع واشنطن، خاصةً عندما تتعارض أفعال إسرائيل سواء في غزة أو الضفة الغربية أو نهجها تجاه الفلسطينيين مع توقعات الولايات المتحدة بشأن الاستقرار والعلاقات مع الدول العربية.
علاوة على ذلك، لدى الإدارات الديمقراطية توقعات أكبر بشأن حقوق الإنسان والحكم الديمقراطي، غالبًا ما تُحددها قيادات من ذوي التوجهات العربية في وزارة الخارجية.
الأسس الاستراتيجية لا تزال راسخة
إذا استمرت إسرائيل في الميل سياسيًا نحو اليمين، وتبني مواقف أكثر تطرفًا، فقد تواجه ضغوطًا أكبر من الولايات المتحدة لتعديل سياساتها مقابل استمرار دعمها لها، في هذه البيئة الجديدة، قد تسعى إسرائيل إلى مزيد من الاستقلالية في مناوراتها الجيوسياسية، وتنمية علاقات أعمق مع قوى إقليمية مثل الهند والمملكة العربية السعودية، وحتى الصين، مما قد يُقلل من اعتمادها على الولايات المتحدة كضامن وحيد لأمنها.
التهديد المشترك
لكن حتى لو تغيرت طبيعة التحالف، فإن الأسس الاستراتيجية لا تزال راسخة، لا تزال الولايات المتحدة وإسرائيل تشتركان في مصالح مشتركة عميقة، لا سيما فيما يتعلق بإيران.
تُمثل الجمهورية الإسلامية تهديدًا محوريًا لكلا البلدين، وقد حافظ الهدف المشترك المتمثل في منع إيران من امتلاك السلاح النووي على قوة التحالف، بغض النظر عن التقلبات السياسية الداخلية أو تغييرات القيادة بالنسبة للولايات المتحدة، تظل إسرائيل شريكًا لا غنى عنه في الأمن الإقليمي، حيث تقدم تبادلًا لا مثيل له للمعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري ودعمًا للأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط.