الرهائن الأمريكيين ورقة حماس الرابحة التي أجبرت ترامب على التراجع (خاص)

كشفت إيرينا تسوكرمان، محامي الأمن القومي الأمريكي، أن تراجع ترامب بشأن تهجير سكان غزة، خطوة مدروسة تعكس تحولات في الديناميكيات الجيوسياسية، وليس مجرد تغيير في التوجهات. 

تهجير سكان غزة

وقالت محامي الأمن القومي الأمريكي، في تصريحات خاصة لـ“مصر تايمز” إن فكرة نقل سكان غزة كانت متوافقة بالنسبة لإسرائيل، واعتُبرت وسيلةً لتحييد حماس من خلال تفكيك قاعدة دعمها المدني، مؤكدة أن هذا الموقف واجه معارضة شديدة من الدول العربية، وخاصة مصر، التي دأبت على رفض أي سيناريو من شأنه أن يؤدي إلى تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى سيناء أو أي دولة عربية أخرى.

 

إيرينا تسوكرمان، محامي الأمن القومي الأمريكي

 وأوضحت “تسوكرمان”، أن توقيت تراجع ترامب يشير إلى وجود صلة مباشرة بخطة مصر الطموحة لإعادة إعمار غزة، متابعة: أن اقتراح القاهرة المدعوم من جهات عربية وأوروبية رئيسية، يهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة مع ضمان بقاء غزة تحت الإدارة الفلسطينية بدلاً من أن تصبح مخيماً للاجئين في الهواء الطلق أو منطقة أمنية عازلة إسرائيلية. ومن خلال التوافق مع هذه الرؤية، يُقدم ترامب نفسه كصانع صفقات براغماتي بدلاً من كونه أيديولوجياً، مما قد يضمن دعماً إقليمياً للجهود الدبلوماسية الأوسع.

 

وتابعت: يشير هذا التراجع إلى إقرار واشنطن بمحدودية الحل العسكري للصراع في غزة. ومع تولي مصر زمام المبادرة في إعادة الإعمار، قد ترى الولايات المتحدة فرصةً لتهدئة التوترات، واستعادة شرعية السلطة الفلسطينية، وموازنة النفوذ الإيراني – كل ذلك مع الحفاظ على دعمها للاحتياجات الأمنية لإسرائيل. 

وأشارت: وفي نهاية المطاف، يُبرز هذا التحول في السياسة الواقعية السياسية السائدة: تُدرك الولايات المتحدة وشركاؤها الإقليميون أن إخلاء غزة من السكان ليس حلاً مستدامًا ولا قابلاً للتطبيق استراتيجيًا.

موقف ترامب من حركة حماس 

واستطردت محامي الأمن القومي الأمريكي قائلة: أن التراجع الواضح لترامب يعكس عن موقفه تجاه دور حماس في غزة تحولاً براغماتياً متأثراً بالحقائق الميدانية المتطورة والأولويات الاستراتيجية العاجلة تاريخياً، حافظت الولايات المتحدة على سياسة عزل حماس بسبب تصنيفها جماعة إرهابية. 

وتكمل: ومع ذلك، يبدو أن المحادثات المباشرة مع حماس، وخاصة في سياق تأمين الرهائن الأمريكيين والتعامل مع المشهد الإنساني المعقد في غزة، قد أجبرت ترامب على إعادة النظر في موقفه المتشدد. هذا مثال كلاسيكي على السياسة الواقعية: فالوضع على الأرض غالباً ما يستلزم إعادة النظر في المواقف السابقة عندما تكون مصالح الأمن القومي الحيوية على المحك، من خلال التعامل المباشر مع حماس، من المرجح أن ترامب رأى فرصة لممارسة النفوذ بطريقة تخدم الأهداف الأمريكية المباشرة، مثل تأمين إطلاق سراح الرهائن وإدارة الأزمة المستمرة دون تصعيد الصراع. 

 إعادة تقييم  للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط

وذكرت “تسوكرمان” أن تشير تصريحاته وتحذيراته لحماس من أن “عدم إطلاق سراح الرهائن سيؤدي إلى عواقب وخيمة” إلى نهج أكثر نفعية، حيث قد تواصل الولايات المتحدة رفض شرعية حماس السياسية الأوسع، لكنها تعترف بسيطرتها الفعلية على غزة. لا يعني هذا التحول بالضرورة تأييدًا كاملًا لحكم حماس، بل قبولًا استراتيجيًا لدورها على المدى القصير، وفقًا لواقع الوضع.

وتابعت: يشير هذا التحول أيضًا إلى إعادة تقييم محتملة للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، ففي منطقة تتسم فيها التحالفات بالتذبذب، وتتلاشى الخطوط الفاصلة بين الخصوم والمحاورين الضروريين، يُظهر استعداد ترامب للتعامل مع حماس مرونة غالبًا ما غابت عن خطابه السابق، ويعتبر اعتراف دبلوماسي، كما يُعدّ التعامل مع أطراف غير مرغوب فيها شرًا لا بد منه إذا كان يخدم أهدافًا أكبر، مثل الاستقرار الإقليمي أو حماية المواطنين الأمريكيين. وبالتالي، لا ينبغي النظر إلى خطوة ترامب التكتيكية على أنها تأييد شامل لحماس، بل كتعديل معقد ومناسب للديناميكيات غير المتوقعة للصراع في غزة.