في ظل الأزمات المالية والضغوط المعيشية، يبحث الكثيرون عن مصادر دخل إضافية قد تبدو مغرية، لكنها في بعض الأحيان تحمل في طياتها خداعًا واحتيالًا منظمًا.
هذا ما حدث مع أحد الضحايا، الذي كشف لنا تفاصيل خاصه لمصر تايمز ،تجربته مع برنامج إلكتروني وعد بأرباح يومية مقابل مهام بسيطة، قبل أن يتحول الأمر إلى كارثة مالية.
بداية القصة: البحث عن مصدر دخل سريع
يعمل “م.ع” كمونتير فيديو وجرافيك ديزاينر، إضافة إلى عمله السابق في التربية والتعليم. ورغم خبرته الطويلة في مجاله، إلا أن ظروفه الصحية والمالية دفعته للبحث عن مصدر دخل إضافي، خاصة بعد تعرضه لحادثة خطيرة أدت إلى ديون متراكمة وصلت إلى 65 ألف جنيه.
يقول: “كنت في موقف صعب، ديون متراكمة بسبب حادثة ادت الى مشاكل في عظام وعلاجات، وأشخاص اعتبرتهم أصدقائي خدعوني وأخذوا مني هواتف بالقسط دون دفع المستحقات، مما جعلني أتحمل أعباء مالية ضخمةفي وسط هذه الأزمة، سمعت عن برنامج استثماري يحقق أرباحًا ثابتة كل شهر، فقررت البحث عنه”.
كيف يعمل البرنامج؟
بحسب “م.ع”، فإن البرنامج قدم نفسه كوسيط إلكتروني يعمل مع جوجل بلاي، حيث يدفع المشترك مبلغًا تأمينيًا ويتم تكليفه بتثبيت تطبيقات يوميًا مقابل مكافآت مالية. تبدأ المرحلة الأولى بإيداع 900 جنيه، يحصل بعدها المشترك على 270 جنيهًا يوميًا مقابل تنفيذ مهام تثبيت التطبيقات. ومع الوقت، يُطلب منه زيادة الإيداع للحصول على أرباح أعلى، وهو ما حدث بالفعل معه.
يضيف: “بعد فترة، قررت زيادة استثماري، فأودعت 11,200 جنيه، وكنت أحصل على 490 جنيهًا يوميًا مقابل تثبيت 35 تطبيقًا. بدا الأمر مربحًا وسهلاً، خاصة أنني لا أقوم فعليًا بتثبيت التطبيقات على جهازي، بل كان يتم التثبيت بشكل وهمي على سيرفرات خارجية”.
نظام التسويق الهرمي: المكافآت مقابل استقطاب أعضاء جدد
لم يقتصر النظام على تثبيت التطبيقات فقط، بل كان هناك مكافآت إضافية لمن يجلب أعضاء جدد إلى المنصة فإذا تمكن الشخص من استقطاب 15 شخصًا، يحصل على راتب شهري ثابت بقيمة 2500 جنيه، بالإضافة إلى أرباحه اليومية.
يقول “م.ع”: “في البداية، لم يكن هناك شخص معين نتعامل معه، بل كان هناك مشرفون يُقال إنهم مسؤولون عن توجيهنا. كل شيء كان يبدو نظاميًا، ولم يكن أحد يشكك في مصداقية الأمر، خاصة مع انتظام الأرباح في البداية”.
الصدمة الكبرى: اختفاء الأموال
بعد مرور أسابيع قليلة، بدأ النظام في التباطؤ، وظهرت مشكلات تقنية في عمليات السحب بعض الأشخاص لم يتمكنوا من استلام أموالهم، فيما بدأ آخرون يشكون في حقيقة هذا المشروع فجأة، توقف النظام عن العمل، ووجد مئات الأشخاص أنفسهم قد فقدوا أموالهم بالكامل.
يؤكد “م.ع”: “كل شيء انهار بسرعةتوقفت عمليات السحب، وبدأ المشرفون في الاختفاءلم يكن هناك أي وسيلة لاسترداد الأموال، واكتشفنا لاحقًا أن كل ما حدث كان مجرد مخطط احتيالي قائم على وهم الاستثمار في التطبيقات”.
رأي القانون والخبراء في هذه الأنظمة
من الناحية القانونية، يقول أحد المحامين الذين تحققوا من عقود هذه الشركات، إن هناك ثغرات كبيرة في هذه الأنظمة، حيث يتم تسجيلها تحت مظلات قانونية غير واضحة. ويضيف: “هذه الشركات تستغل ثغرات في قوانين الاستثمار الإلكتروني، وتوهم الناس بأنها قانونية، لكنها في الحقيقة تعمل بنظام التسويق الهرمي الذي ينهار بمجرد توقف تدفق الأموال الجديدة”.
أما من الناحية الشرعية، فقد أوضح بعض الخبراء أن هذه الأنظمة تشبه المقامرة، حيث لا يوجد استثمار حقيقي أو قيمة مضافة، بل مجرد تدوير للأموال بين المشتركين، مما يجعلها غير جائزة شرعًا.
احذر من الوعود الكاذبة
تجربة “م.ع” ليست الوحيدة، فهناك مئات الضحايا الذين وقعوا في نفس الفخ، مدفوعين بالحاجة إلى دخل إضافي ومع انتشار هذه الأنظمة، يجب على الجميع توخي الحذر والتحقق من أي منصة استثمارية قبل المشاركة فيها، حتى لا يقعوا ضحية لعمليات احتيال منظمة تستنزف أموالهم وأحلامهم.
إذا كنت قد تعرضت لمثل هذه العمليات، يمكنك التبليغ لدى الجهات المختصة لحماية حقوقك وملاحقة المسؤولين عن هذه الأنشطة المشبوهة.