شهدت قاعة المؤسسات بلازا 1، ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، ندوة بعنوان “الفن التشكيلي المصري بين العالمية والمحلية”، وذلك في إطار محور المائدة المستديرة.
شارك في الندوة الفنان والناقد سيد هويدي، والفنان الدكتور محمد برطش، حيث ناقشا تطور الفن التشكيلي في مصر وتأثيره على الساحة العالمية.
استهل الفنان التشكيلي والناقد سيد هويدي حديثه بالتأكيد على أن الفن المصري والعالمية موضوع ذو شجون، نظرًا لكون الحضارة المصرية حضارة بصرية في المقام الأول.
وأوضح أن الفن المصري فن خالد، مستندًا إلى فلسفته وفكره العميق، مشيرًا إلى أن النظرية المصرية في النحت تتفوق عالميًا من حيث الجمع بين الحركة والسكون.
وتابع هويدي أن دخول الإسلام إلى مصر أدى إلى شبهة تحريم التصوير، ما أثر سلبًا على النشاط الفني، ودفع الفنانين المصريين إلى الاهتمام بفنون أخرى مثل الخزف. إلا أن النهضة الحقيقية لفن النحت جاءت مع إنشاء مدرسة الفنون الجميلة عام 1908 في حي السيدة زينب، وكان الفنان والنحات محمود مختار من أوائل خريجيها.
واعتبر هويدي أن تمثال “نهضة مصر” لمختار كان بمثابة إعادة إحياء للفن المصري الأصيل، إلى جانب ظهور أسماء بارزة مثل يوسف كامل وراغب عياد.
وأشار إلى أن محمود مختار حصد جائزة صالون باريس، ما أثار حماس الفنانين يوسف كامل وراغب عياد للسفر والدراسة بالخارج.
وبعد عودة يوسف كامل، دعاه سعد زغلول لدعم زميله عياد في رحلته إلى إيطاليا، وهو ما دفع الصحافة المصرية إلى تسليط الضوء على ضرورة ابتعاث الفنانين المصريين للخارج، الأمر الذي أدى لاحقًا إلى إرسال بعثات فنية عديدة.
الحقبة الليبرالية
وأوضح هويدي أن الحقبة الليبرالية في تاريخ مصر شهدت ظهور جمعيات فنية بمرجعية سياسية، مثل جماعة الفن الحديث التي جاءت كرد فعل لمواجهة الاستعمار الإنجليزي. كما سلط الضوء على تأثير ثروت عكاشة في الستينيات، من خلال إنشاء بينالي الإسكندرية وكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، لافتًا إلى وجود تيارين رئيسيين في الفن آنذاك:
1. التيار الأول: يرى أن للفن وظيفة تعكس هوية الشخصية المصرية.
2. التيار الثاني: ينظر للفن كأداة ذات وظيفة سياسية.
وأكد هويدي أن الفن الديني كان جزءًا من البيوت المصرية، حيث لعبت الأديان دورًا في الاعتماد على الفن لتقديم الطقوس الدينية للناس.
من جانبه، أوضح الفنان الدكتور محمد برطش أن الفن التشكيلي ليس مجرد وسيلة تعبير، بل أحد المكونات الرئيسية لاقتصاد الدول.
وأشار إلى أن الدول الكبرى تتعامل مع الفن التشكيلي بجدية، وتدمجه في منظومة الحكومة كصناعة ثقافية تسهم في الناتج المحلي والدخل القومي.
وأضاف أن الفن التشكيلي يساهم في تنشيط المدن، مستشهدًا بتجربة إسبانيا، التي لا يقتصر الفن فيها على العاصمة، بل يمتد إلى كافة مدنها. كما أكد أن الفن التشكيلي يمثل مخزونًا للقيمة الاقتصادية، مما يجعله عاملًا رئيسيًا في تسويق الثقافة.
وأشار برطش إلى أن الإحصائيات الصادرة عام 2023 كشفت عن تراجع عدد المعارض الفنية (الجاليرهات) عالميًا، رغم أن سوق الفن لا يزال يحقق إيرادات تصل إلى 80 مليار دولار سنويًا.
وأكد أن دولًا أفريقية وعربية تفوقت على مصر في هذا المجال، مثل السنغال والمغرب، في حين أن دولًا أخرى، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات، خصصت جزءًا من ميزانياتها لدعم الفن التشكيلي.
كما أشار إلى أن سوق الفن العالمي يقدر بـ550 مليار دولار، مما يبرز أهمية دعم الدولة للفنانين المصريين لتعزيز مكانتهم عالميًا.
وفي سياق التطورات الحديثة، أكد برطش أن الذكاء الاصطناعي أصبح له دور كبير في الفن التشكيلي، مما يفتح بابًا جديدًا للنقاش حول تأثير التكنولوجيا على الإبداع الفني.
واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة إنشاء ورش عمل حقيقية لدعم الفنانين، مع تحديد دور وزارة الثقافة بوضوح وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع التحديات الحالية.