القرآن الكريم ثابت لكن فهم التفسير يتغير

قال الدكتور عبد الشافي الشيخ، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف، إن القرآن الكريم كما نعلم جميعًا لا ينضب معينه، وقد تربينا على هذه المائدة العلمية لافتا إلى إننا نعيش في زمن يتسم بتغيرات هائلة، والقرآن ثابت لا يتغير، لكن علينا أن نتكيف مع هذه التغيرات بشكل يحافظ على جوهر الدين ويواكب العصر.

 

مشكلة العصر تتمثل في كيفية تطبيق النصوص الثابتة للقرآن والسنة

وأوضح الدكتور عبد الشافي، خلال لقاء مع الشيخ خالد الجندي، ببرنامج “لعلهم يفقهون”، المذاع على قناة “dmc”، اليوم الثلاثاء، أن مشكلة العصر تتمثل في كيفية تطبيق النصوص الثابتة للقرآن والسنة في واقع متغير بسرعة، مشيرًا إلى أن هذا التفسير جاء نتيجة اجتهاد يهدف إلى وضع النصوص في سياق العصر الحديث.

وتابع: “لا يمكن أن نقتصر على فتوى قديمة صدرت منذ 400 عام في زمن مختلف تمامًا، الظروف التي نعيش فيها الآن لا تشبه تلك التي كانت موجودة في العصور السابقة، ولذلك يجب أن نقرأ النصوص المقدسة بطريقة تتناسب مع الواقع المعاصر”.

 

وأكد الدكتور عبد الشافي أن العلماء قد وضعوا لنا المنهج الذي يمكننا من التعامل مع النصوص بحكمة ووعي، وأنه يجب علينا أن نكمل هذا البناء العظيم بما يتناسب مع متغيرات العصر.

 

وأضاف: “القرآن هو كتاب شامل، لكن فهمه يجب أن يتجدد ليظل ملائمًا لكل الأزمنة، وهذا هو الهدف من تفسيرنا للقرآن الكريم”.

 

المفتي السابق الدكتور “شوقي علام” 

في وقت سابق أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن تفسير بعض الجماعات المتطرفة للنصوص الدينية يشوه الفهم الصحيح للإسلام، مشيرًا إلى مثال على ذلك تفسيرهم لآية اطلقوا عليها “السيف” في سورة التوبة، حيث يروجون لفكرة أن هذه الآية “نسخت” جميع الآيات التي تدعو إلى الرحمة، معتبرين أن الإسلام قد أصبح محصورًا فقط في جانب العنف والقتال.  

 

وأشار مفتي الديار المصرية السابق إلي  أن هذا التفسير يتنافى مع الفهم الصحيح للنصوص، موضحًا أن هذه الجماعات تدعي أن الآية التي تقول: “فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ”، قد نسخت جميع الآيات التي تدعو إلى الرحمة، مما يحرف جوهر الإسلام الذي يعتمد على التسامح والرحمة.

 

وأكد  علي أن هذا التفسير المغلوط يتجاهل قواعد اللغة العربية والسياق التاريخي الذي نزلت فيه الآية، فالسياق الزماني والمكاني يُظهر أن الآية تتحدث عن المشركين المعتدين في حالة الحرب، وليس عن قتل أي شخص مشرك في أي مكان، لافتا  إلى أن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بعد هذه الآية يوضح أنه إذا استجار أحد المشركين، يجب أن يُمنح الأمان، مما ينسف التفسير الذي يقصر الآية على القتل.

 

وأضاف إن هذا النوع من الفهم المشوّه يؤدي إلى التلاعب بالنصوص الشرعية لخدمة أهداف تلك الجماعات المتطرفة، مشددا على ضرورة فهم القرآن والسنة في إطارها الكامل من خلال ربط الآيات ببعضها البعض، مع مراعاة السياق الزماني والمكاني، والابتعاد عن التفسيرات التي تهدف إلى تأجيج العنف والتطرف.

 

وتابع: “إذا تم التعامل مع النصوص بهذا الشكل المجتزأ والبعيد عن الفهم الصحيح، فإننا نكون قد فقدنا جوهر الإسلام الذي يقوم على الرحمة واللين”.