متخصصون يناقشون العلاقات الاقتصادية بين مصر وبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية

شهدت قاعة العرض في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، ضمن محور “المصريات”، إقامة ندوة لمناقشة كتاب بعنوان “العلاقات الاقتصادية المصرية البريطانية 1945 – 1956” للكاتب الدكتور أحمد الشربيني، عميد كلية الآداب الأسبق بجامعة القاهرة. 

ناقش الكتاب خلال الندوة، الدكتور عثمان أحمد عثمان، عميد معهد الدراسات الإسلامية، بينما أدارت الجلسة الدكتورة ماجدة صالح، عميد كلية الاقتصاد سابقًا.

وفي بداية الندوة، أكدت الدكتورة ماجدة صالح أن المكتبة العربية بحاجة ماسة إلى إسهامات كبيرة، خصوصًا في مجال التاريخ، مشيرة إلى أن الكتاب الذي يتم مناقشته يعكس شغف الكاتب بالاهتمام بالجوانب التاريخية.

وأضافت أن الكتاب يبدأ بمشهد رئيسي يبرز أهم خصائص الشخصية المصرية، التي تتسم بشراسة الدفاع عن الحق، وهي سمة من ثوابت الشخصية المصرية التي لن تزول أبدًا.

وأوضحت أن الكاتب تناول، بسلاسة، مراحل مطالبة المصريين بالاستقلال، مؤكدة أن هذه المطالب لم تبدأ بالعنف، بل كانت تتدرج في سلم من المطالب السلمية، مشيرة إلى أن المؤلف ركز على سعي المصريين المستمر للتحرر الاقتصادي بالتوازي مع نضالهم من أجل التحرر السياسي.

وأشارت “صالح” إلى أن الكاتب قدم عرضًا سلسًا للأحداث الاقتصادية في هذه الحقبة، موضحة كيف تحولت مصر من دولة دائنة إلى دولة مدينة. كما لفتت إلى ارتفاع أسعار السلع في مصر في تلك الفترة وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، مما يوضح كيفية ربط الكتاب بين علم التاريخ وفلسفة التاريخ، بطريقة تجعل القارئ يتفهم السياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لتلك المرحلة.

من جانبه، قال الدكتور أحمد الشربيني إن هذا الكتاب يمثل دراسة مهمة، خاصة أنه يركز على فترة زمنية مفصلية، هي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وتابع قائلاً: “تلك الفترة ارتبطت بإجراءات اقتصادية مهمة حاولت بريطانيا فرضها على مصر، في ظل محاولات مصرية دؤوبة للتحرر والاستقلال”.

وأضاف أن الحرب العالمية الثانية، وبالأخص معركة العلمين، جعلت بريطانيا تدرك الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمصر، وأهمية بقاء مصر ضمن تحالفاتها الغربية، حتى لا تنفصل عن بريطانيا. ونتيجة لذلك، نشأ حراك وطني كبير دفع الزعيم مصطفى النحاس لإلغاء اتفاقية 1936 من جانب واحد، رغم عدم موافقة بريطانيا.

وأشار “الشربيني” إلى أن بريطانيا حاولت فرض حصار اقتصادي على مصر من خلال تسوية المديونيات، وربط الجنيه المصري بالجنيه الاسترليني، في محاولة لضمان تبعية مصر الاقتصادية لبريطانيا. ووصف هذا النموذج الاستعماري بأنه جديد، حيث اعتمد على الاقتصاد بدلاً من التواجد العسكري.

من ناحيته، أكد الدكتور عثمان أحمد عثمان، أن الكاتب يعتبر اقتصاديًا بارعًا، وأوضح أن الكتاب يتناول ثلاث مراحل في العلاقة المصرية البريطانية، بدأت بالصداقة، ثم الاختلاف، وانتهت بالعداء بين الجانبين. واعتبر “عثمان” هذه الفترة من أهم الفترات في تاريخ مصر الحديث.

وأضاف أن الكتاب يوضح فكرة مهمة، وهي أن كل مرحلة كانت تتطلب قرارات اقتصادية متناسبة مع طبيعتها. على سبيل المثال، كانت بريطانيا في البداية تتحدث عن مساعدتها لمصر في تسديد ديونها، لكن ذلك لم يحدث. 

وأشار “عثمان” إلى أن الكتاب، ألقى الضوء على مديونية مصر الكبيرة لبريطانيا، وهو ما جعل مصر تتكبد مبالغ ضخمة على مدار فترة طويلة وبشروط اقتصادية صعبة. وأوضح أن بريطانيا كانت ترى في مصر “أرض الفرص”، حيث كانت تصنفها كأهم مستعمراتها.