العملات المشفرة والضبطية القضائية والإطار المؤسسي للدولة

نظمت وزارة الأوقاف بالتعاون مع معهد البحوث الجنائية والتدريب التابع لمكتب النائب العام سلسلة من المحاضرات المتخصصة، ضمن برنامج «المعايشة المهنية» الموجه للسادة مفتشي الوزارة، بهدف تعزيز كفاءاتهم المهنية وتطوير معارفهم في مختلف المجالات، تناولت المحاضرات قضايا متنوعة تجمع بين الجوانب الإدارية والقانونية والاقتصادية، التي تؤثر بشكل مباشر على أداء المفتشين ودورهم في تحقيق رسالة الوزارة.

تناول الدكتور طارق الحصري، الخبير المتخصص في الإدارة والتنظيم، موضوع «الإطار المؤسسي للدولة ووزارة الأوقاف»، واستعرض الدكتور الحصري أهمية البناء المؤسسي للدولة باعتباره الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان الاستقرار الإداري والاقتصادي، وأكد أن وزارة الأوقاف بوصفها جزءًا من الإطار المؤسسي للدولة تنهض بدورٍ محوريٍّ في نشر الفكر الوسطي ومواجهة التطرف؛ ما يؤكد رؤية الدولة الشاملة لتعزيز الوعي الديني والتنموي.

وأوضح الخبير المتخصص في الإدارة والتنظيم أن العمل المؤسسي داخل الوزارة يتطلب تكامل الأدوار بين الإدارات المختلفة، وتطوير نظم الحوكمة بما يحقق أعلى مستويات الكفاءة والشفافية، وشدد على أن الاستثمار في العنصر البشري من خلال التدريب المستمر وبرامج التأهيل يمثل العامل الأهم في تحقيق أهداف الوزارة وضمان قدرتها على مواكبة التحديات.

وألقى المستشار أحمد سعفان، رئيس النيابة بإدارة التفتيش القضائي، محاضرة بعنوان: «العملات المشفرة»، إذ سلط الضوء على هذه الظاهرة التي باتت تؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل كبير، وأوضح أن العملات المشفرة تصدر من قبل مبرمجين محترفين دون أي ضمانات أو تراخيص قانونية؛ ما يجعلها محفوفة بالمخاطر.

وأكد سيادته أن إصدار العملات هو مسئولية الدول فقط، وليس الأفراد أو الجماعات، لضمان استقرار الاقتصاد وحماية الأمن العام، وأضاف أن التعامل بالعملات المشفرة بوضعها الحالي يشهد تقلبات حادة في قيمتها، وغياب أي ضمان قانوني لها، ما يهدد الأمن الاقتصادي والاجتماعي للدول.

من جانب آخر، تناول المستشار أحمد عبدالخالق، رئيس النيابة بإدارة التفتيش القضائي، في محاضرته: «التعريف بالضبطية القضائية سلطات وواجبات مأمور الضبط القضائي بصفة عامة .. ولمفتشي وزارة الأوقاف بصفة خاصة»، وأكد أن القانون يمنح مأمور الضبط القضائي صلاحيات واسعة، لكن استخدامها يتطلب الالتزام التام بالقوانين والأنظمة، مع مراعاة احترام حقوق الأفراد، وأشار إلى أن مفتشي وزارة الأوقاف يتمتعون بسلطات ضبطية خاصة تتطلب منهم إلمامًا كافيًا بالجوانب القانونية والإدارية لتحقيق أعلى درجات الكفاءة والالتزام في أداء عملهم.

أشاد المشاركون في البرنامج بمستوى المحاضرات وأهميتها في تطوير الأداء المهني، وتعزيز فهمهم لمهامهم في ضوء التطورات الحديثة، كما أكدت وزارة الأوقاف أن تنظيم مثل هذه البرامج يأتي ضمن استراتيجيتها لرفع كفاءة كوادرها وتطوير أدائهم بما يحقق أهداف الوزارة في خدمة المجتمع ونشر القيم الإيجابية وتعزيز سيادة القانون.

كما حل ضيف شرف على البرنامج التدريبي السيد المستشار تركي راشد المهندي، مدير معهد الدراسات الجنائية بقطر، حيث أعرب عن تقديره العميق للدور الهام الذي تقوم به وزارة الأوقاف والنيابة العامة في تعزيز الفكر الوسطي ونشر قيم التسامح والاعتدال، إلى جانب إرساء مبادئ العدالة وسيادة القانون.

وأكد خلال كلمته أن التعاون المثمر بين مؤسسات الدولة المصرية يُعد ضرورة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان استقرار المجتمع، وأشاد بجهود وزارة الأوقاف في بناء الكوادر الدينية وتأهيلها لمواجهة التحديات الفكرية، وبحرص النيابة العامة على تطوير القدرات القانونية والإدارية للمفتشين بما يحقق تكامل الأدوار بين المؤسسات.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *