لماذا التوقعات إيجابية للاقتصاد المصري في 2025؟

لقد كان الاقتصاد المصري في عام 2024 عند مفترق طرق، حيث يتصارع مع التحديات المستمرة وسط الفرص المحتملة. لقد واجهت البلاد التضخم والديون الخارجية المتزايدة بينما استمرت في الإصلاحات الهيكلية الجارية في سعيها لتحقيق الاستقرار والنمو.

أظهر الاقتصاد المصري علامات التعافي، مع توقعات بنمو 3.2٪ لعام 2024 وزيادة متوقعة إلى 4.2٪ في السنة المالية 2024-2025، وفقًا لشركة فيتش سوليوشنز.

بينما ظلت معدلات التضخم مرتفعة، مع زيادة طفيفة من 26.2٪ في أغسطس إلى 26.4٪ في سبتمبر 2024، إلا أنها أقل بكثير من 38٪ التي تحققت في العام السابق بفضل تحسن التدفقات المالية وزيادة الاستثمارات.

وتشمل هذه الاستثمارات الشراكات، بعد تعزيز العلاقات الاقتصادية، مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتأمين الاستثمارات في الطاقة والعقارات والخدمات اللوجستية.

وتشمل الشراكات الأخرى تعزيز التكامل الاقتصادي وتشجيع التجارة بين البلدان الأفريقية بالتعاون مع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

وفي تحول دبلوماسي مهم آخر، أصبحت مصر عضوًا كامل العضوية في الكتلة الاقتصادية لمجموعة البريكس، وهي رابطة تضم خمسة اقتصادات ناشئة رئيسية، حيث أن اسمها هو اختصار للدول المؤسسة، البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ومن المقرر أن تعزز هذه الخطوة التجارة والاستثمار مع الأسواق الناشئة.

كان الحدث الرئيسي في عام 2024 هو زيادة سعر رغيف الخبز المدعوم لأول مرة منذ ثلاثة عقود. واجهت مصر، التي تستورد حوالي 70 في المائة من قمحها من روسيا وأوكرانيا، ارتفاعًا حادًا في أسعار الحبوب بسبب الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية في أعقاب حرب الدولتين.

وشهدت أسعار الخبز زيادة بنسبة 20 في المائة، مما ساهم في التضخم الغذائي، الذي بلغ حوالي 30 في المائة في عام 2024، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

قد يكون الحدث الاقتصادي الأكثر أهمية لمصر في عام 2024 هو القرض البالغ 8 مليارات دولار أمريكي (407.36 مليار جنيه مصري) من صندوق النقد الدولي، والذي تمت الموافقة عليه في مارس 2024، والذي دعم احتياطيات مصر من النقد الأجنبي ونفذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

وأدى قرض صندوق النقد الدولي إلى إجراءات رئيسية أخرى، مثل تنفيذ سعر صرف مرن، وتشديد السياسة النقدية للبلاد، والتخطيط للمضي قدمًا في مبادرات الخصخصة.

تضمنت تغييرات السياسة النقدية زيادة في سعر الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس إلى 27.25 في المائة، وهي أعلى زيادة في تاريخ البلاد – في محاولة لمكافحة التضخم واستقرار العملة.

ومن الأهمية بمكان أيضًا مشروع رأس الحكمة وتبلغ قيمته 35 مليار دولار أمريكي (1.8 تريليون جنيه مصري)، مع تخصيص 24 مليار دولار أمريكي (1.22 تريليون جنيه مصري) لحقوق الأراضي، وهو جزء من استراتيجية أوسع لجذب الاستثمار الأجنبي وتحفيز النمو الاقتصادي.

ومن المتوقع أن يوفر المشروع نحو 750 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة مع توفير السكن لنحو مليوني نسمة. وبالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن تحصل مصر على 35% من الأرباح الناتجة عن المشروع.

أعلنت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد عن توقعات أكثر تفاؤلاً بنمو 4.4% للعام المالي 2024-2025، وهو ما يتجاوز هدف الحكومة السابق البالغ 4.2%.

وفي العام المالي 2023-2024، تباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في مصر بشكل ملحوظ إلى 2.4%، انخفاضًا من 3.8% في العام السابق – وهو انخفاض مرتبط بالتوترات الجيوسياسية المستمرة وعدم اليقين الاقتصادي العالمي، وفقًا لوزيرة التخطيط رانيا المشاط.

وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية الأوسع نطاقًا، فقد أظهرت قطاعات رئيسية مثل الاتصالات والسياحة والخدمات الاجتماعية نموًا إيجابيًا، حيث شهد قطاع السياحة معدل نمو بلغ حوالي 9.9%.

وبحسب وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، من المتوقع أن يتحسن النشاط الاقتصادي مع تبني الحكومة لسياسات اقتصادية كلية سليمة وتعزيز الرقابة على الاستثمار العام، وخلق فرص لمشاركة القطاع الخاص وضمان توزيع الموارد بكفاءة على القطاعات الحيوية.

وعكست رانيا المشاط هذه التوقعات، مؤكدة أن التوقعات الاقتصادية لمصر تظل إيجابية، مدعومة بدعم من المؤسسات المالية الدولية وشركاء التنمية.

وفي الوقت نفسه، أثرت العوامل الاقتصادية الخارجية مثل الصراع المستمر في الشرق الأوسط والتوترات الجيوسياسية الإقليمية على الاستقرار الاقتصادي في مصر، وخاصة الأنشطة من قناة السويس، التي شهدت انخفاضًا بنسبة 30 في المائة في 2023-24 مقارنة بالعام السابق، مع انخفاض كبير بنسبة 68 في المائة في الربع الأخير.

ورغم أن مصر تواجه عقبات اقتصادية مثل التضخم وارتفاع الديون والضغوط الجيوسياسية الخارجية، فإن خطواتها الكبيرة في تأمين الاستثمارات الأجنبية وتعزيز الشراكات الدولية تشكل إنجازات إيجابية وإلى جانب الإصلاحات الهيكلية المخطط لها ومشاريع التنمية، تهدف البلاد إلى التعافي وتحقيق النمو الاقتصادي.