قال نبيل الدغوغي، سفير المملكة المغربية لدى جمهورية البرازيل الفيدرالية، إن “المغرب ينتمي إلى مجموعة محدودة من الدول التي تتمتع بوصول مزدوج إلى بحرين: المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، ويعمل على تحقيق الاستفادة الإستراتيجية من هذا الموقع الجغرافي الفريد”، مشيرًا إلى أن “الواجهة المتوسطية تربط المغرب بأوروبا، بينما تمنحه الواجهة الأطلسية، التي أكد الملك محمد السادس على طموح البلاد إلى تحويلها إلى مركز للتكامل الاقتصادي ومنبر للتأثير القاري، وصولاً كاملاً إلى إفريقيا ونافذة على الأمريكتين”.
وأوضح الدبلوماسي المغربي ذاته، في مقال له على موقع “Diplomacia Business” المختص في الشؤون الدبلوماسية، أن “المغرب يمتلك أطول ساحل بحري في إفريقيا، يمتد لأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر على المحيط الأطلسي، وهو ما يتقاطع مع الميزة التي تتمتع بها البرازيل، التي تمتد سواحلها هي الأخرى لأكثر من ثمانية آلاف كيلومتر”، مبرزًا أن “البلدين يعملان على استثمار مواقعهما البحرية لتعزيز التواصل والتعاون، حيث اتخذا خطوات متزامنة في العام 2020 لترسيم مناطقهما الاقتصادية الخالصة وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار”.
وأشار الدغوغي، في معرض حديثه عن التوجه الأطلسي للبلدين، إلى “مبادرة السلام والتعاون في جنوب الأطلسي ‘ZOPACAS’ التي أطلقتها برازيليا في العام 1986، وتضم أكثر من عشرين دولة من ضفتي الأطلسي؛ فيما بادر المغرب بإطلاق مشاريع طموحة، أبرزها ميناء الداخلة وخط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يربط منشآت الطاقة في 14 دولة إفريقية مطلة على الأطلسي، بالإضافة إلى مبادرة إفريقيا الأطلسية التي أطلقتها المملكة لتعزيز التكامل الإقليمي لـ23 دولة مطلة على الساحل الأطلسي لإفريقيا عبر ثلاثة محاور: الأمن، والاقتصاد الأزرق، والربط البحري والطاقة، والتنمية المستدامة”.
وأكد سفير الرباط لدى برازيليا أن “هذه المبادرات تعكس رؤية مشتركة لجعل الأطلسي الجنوبي فضاءً آمنًا سياسيًا، ومتكاملًا اقتصاديًا، ومستدامًا بيئيًا”، مشيرًا إلى أن “الطموح البحري لكل من المغرب والبرازيل يشكل نقطة انطلاق لرفع مستوى الشراكة الثنائية بينهما إلى آفاق إستراتيجية، استنادًا إلى الروابط التاريخية والإنسانية بين البلدين التي تعود إلى القرن التاسع عشر، والإيمان بالتعددية الذي يدافع عنه دبلوماسيو القطرين، بالإضافة إلى المصالح الاقتصادية المشتركة والمتنامية”.
وبيّن المتحدث ذاته أن “العلاقات بين المغرب والبرازيل شهدت تطورًا كبيرًا منذ زيارة الملك محمد السادس إلى البرازيل عام 2004، ما أسفر عن تعاون قوي في مجالات الأمن الغذائي والخدمات اللوجستية”، مؤكدًا في الوقت ذاته أن “الإطار القانوني الثنائي بين البلدين شهد أيضًا تطورًا لافتًا، خاصة في الاتفاقيات المتعلقة بالدفاع والأمن، ومنع الازدواج الضريبي، والتعاون الجمركي”، وزاد: “كما يعزز هذا الإطار التعاون التقني بين البلدين في مجالات الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، وعلوم المحيطات”.
وأورد الدبلوماسي ذاته أن المغرب والبرازيل يتفقان على أهمية البعد البحري لفهم مفاهيم الاقتصاد الأزرق والسيادة البحرية التي أصبحت أساسية في الجيوسياسة الحديثة، مردفًا بأن “الأفق القريب هو أن يكون المغرب والبرازيل في طليعة مفصل جيوسياسي جديد للمحيط الأطلسي، وفي طليعة ارتباط جيو-اقتصادي مبتكر بين ضفتي هذا الفضاء ذي الإمكانات الواعدة العالية”.
وشدد سفير المملكة المغربية لدى جمهورية البرازيل الفيدرالية على أن “التاريخ الفريد بين البلدين، الذي بدأ منذ أكثر من 150 سنة، سيكتب صفحة جديدة من التكامل في المحيط الأطلسي وتحسين أصوله ومناطق الجذب المتعددة، من الاقتصاد الأزرق إلى الصيد المستدام، ومن علم المحيطات إلى التنسيق الأمني”.