لطالما كان مشروع أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم حلمًا يراود مطوّريه والبلدان المستفيدة، للتغلب على نقص إمدادات الكهرباء وتحقيق الربط البيني.
ووفق خريطة مشروعات الكهرباء العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يبدو أن الخطوات المحدودة التي كانت تفصل المشروع عن انطلاق أعمال البناء تتلاشى الآن، في ظل تعرُّض عملية التمويل لانتكاسة جديدة.
وسعت الشركات المطورة إلى تأمين التمويل اللازم لمرافق النقل المُلحقة بالجزيرة، لكن هذه الخطوة تعثّرت مؤخرًا، وفتحت باب التساؤلات حول جدّية انطلاق أعمال البناء في ظل نقص المخصصات.
وكان مشروع الجزيرة -التي يُطلق عليها “جزيرة الأميرة إليزابيث”- قد طُرِح قبل سنوات، وسط طموحات اكتمال مرحلة البناء بختام عام 2026.
علاقة أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم بالرياح
رغم أن الرياح تعدّ موردًا طبيعيًا، فقد كان لها بالغ الأثر في مشروع أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم، ويبدو أنها ستشكّل ضربة جديدة للمشروع.
يعود أصل القصة إلى اعتماد المشروع على أكبر مناقصة للرياح البحرية في الدنمارك، للاستفادة من مدفوعات التخصيص في تمويل خط النقل من الجزيرة إلى شبكة الكهرباء بكوبنهاغن.
وبحلول 5 ديسمبر/كانون الأول 2024 الجاري، أًعلِن “فشل” المناقصة وعدم تلقّي الهيئات المعنية عطاءات من المستثمرين والمطورين، ما شكّل صدمة لأهداف تعزيز القدرة في الدنمارك، ولمشروع أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم أيضًا.
واستهدفت المناقصة تأمين مشروعات بما يتيح زيادة قدرة طاقة الرياح البحرية في الدنمارك بنحو 3 أضعاف، بحلول عام 2030.
ومع افتقار الدنمارك لعطاءات رياح كان متوقعًا تقديمها في المناقصة، تصاعدت الشكوك لدى الهيئات المعنية حول تراجع اجتذاب مطورين ومستثمرين لجولات المناقصات المقبلة.
ولم تقف المخاوف عند هذا الحدّ، إذ يشير فشل مناقصة الرياح البحرية إلى غياب التمويل اللازم لخطّ النقل والبنية التحتية للجزيرة ومرافقها، ما يهدد مستقبل المشروع بالكامل، بحسب ما نقله موقع ريتشارج.
تفاصيل تمويل الجزيرة
تقوم فكرة إنشاء أول جزيرة طاقة اصطناعية في العالم على ربط موقعها بمزرعتَي رياح بحرية، لتصل القدرة الإجمالية المنتجة إلى 3.5 غيغاواط.
ويُشير مسار العمل بالجزيرة إلى بنائها في الجانب البلجيكي لبحر الشمال، كما وافق البرلمان الدنماركي قبل 4 سنوات على المشاركة في المشروع بجزيرة بورنهولم في بحر البلطيق.
ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تعزيز أمن الطاقة، سواء في بلجيكا، أو الدنمارك، أو دول الاتحاد الأوروبي بالكامل.
وتتضمن خطط المشروع نقل الكهرباء المنتَجة من جزيرة الطاقة إلى الدنمارك، وحظي المشروع -أيضًا- بموافقة حديثة من مشغّلي أنظمة نقل الكهرباء الألمانية إنرجينت (Energinet) و50 هرتز (50 Hertz).
وكان بنك الاستثمار الأوروبي قد منح مشروع جزيرة الطاقة ضوءًا أخضر بشأن التمويل، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بتقديم ما يقارب 702 مليون دولار في صورة منحة لشركة “إليا ترانزميشن بلجيكا” لتطوير أولى مراحل الجزيرة.
غير أن الإخلال بميزان التمويل الآن مع فشل مناقصة الرياح البحرية الدنماركية قد يعيد المشروع إلى “المربع صفر”.
وتتألف الجزيرة من 23 قيسونة (تركيبات خرسانية تشكل حائلًا أمام تسرب المياه)، ويستغرق تركيب القيسونة الواحدة 3 أشهر، وفق التقديرات.
خطط الربط الكهربائي ومناقصة الدنمارك
تزوّد جزيرة الطاقة الاصطناعية الأولى عالميًا شبكة الكهرباء البلجيكية بنحو 3.5 غيغاواط، ما يسهم في إمداد 3 ملايين منزل بالكهرباء النظيفة، ويقلّص الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وفي المقابل، تعزز بلجيكا مشروع الجزيرة بالاستفادة من منطقة الرياح البحرية الثانية بها، حتى تتحول الجزيرة إلى “مركز ربط” بين بلجيكا وبعض الدول الأوروبية.
وينظر بنك الاستثمار الأوروبي إلى مشروع الجزيرة بوصفه ركيزة أساسية لتعزيز أمن الطاقة بالقارة العجوز، وترسّخ لتعاون إقليمي مهم في قطاع الكهرباء النظيفة.
وفي خضم هذه الطموحات، برز فشل مناقصة الرياح البحرية الدنماركية تحديًا جديدًا أمام الجزيرة الاصطناعية، إذ يفتقر المشروع حاليًا إلى التمويل اللازم لمرافق الربط ونقل الكهرباء.
ويثير عدم قدرة الدنمارك على جذب عطاءات مطوري مزارع الرياح البحرية القلق بشأن معدل الإقبال والثقة في الصناعة الناشئة ضمن قطاع الطاقة النظيفة؛ ما يهدد موردًا مهمًا يعدّ ضمن أبرز مسارات مكافحة تغير المناخ.
وكان مسؤولون في الدنمارك قد وصفوا فشل مناقصة الرياح بأنه “مخيّب للآمال”، وسط مخاوف من تغيُّر الظروف البحرية في أوروبا وانعكاس ذلك على أسعار الكهرباء، حسب رويترز.
وبررت شركة تطوير مزارع الرياح “أورستد” عدم مشاركتها بعطاءات في المناقصة البحرية بمخاوف تقلبات الصناعة، وتعطُّل سلاسل التوريد.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- مخاوف من غياب تمويل خط نقل الكهرباء من جزيرة الطاقة الاصطناعية إلى الشبكة الدنماركية، من ريتشارج.
- تفاصيل فشل مناقصة الرياح البحرية في الدنمارك، ومخاوف الثقة في الصناعة، من رويترز.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.