تعد مسألة الفطر في رمضان من الموضوعات الدينية الهامة التي تثير اهتمام المسلمين في جميع أنحاء العالم،فمع اقتراب شهر رمضان المبارك، يزداد البحث عن أحكام الفطر، وتتنافس وجهات النظر الفقهية في هذا الصدد،إن معرفة من يباح لهم الفطر في رمضان بسبب الأعذار الشرعية هي من الضرورات التي يجب على المسلم أن يكون مدركاً لها، حتى يتمكن من أداء شعائر الدين بشكل صحيح، دون الوقوع في المحظورات،تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الحقائق الفقهية المتعلقة بمسألة الفطر وأحكامه، بحيث يتضح للجميع من هم الأشخاص الذين يُسمح لهم بالفطر خلال هذا الشهر الفضيل.
من يباح لهم الفطر في رمضان
لقد أسس الفقهاء قسماً خاصاً للإجابة عن سؤال من يُباح لهم الفطر في رمضان،الأمر يتطلب النظر في الرخص الشرعية المتاحة، وبشكل عام، يتمثل الهدف من تقديم هذه الرخصة في تيسير الأمور على المسلمين الذين قد يجدون مشقة بسبب ظروف استثنائية،كما يشدد الفقهاء على أن الفطر مشروع في الحالات التي قد تؤدي إلى خطر على النفس أو صحة الفرد،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلَّا غَلَبَهُ”، ما يشير إلى أهمية المرونة في تطبيق الأحكام الشرعية.
فطر المريض
يعتبر المريض أحد الفئات الأساسية التي لم الشملها الفقهاء في أحكام الفطر،حيث يجمع جميع الفقهاء على أن للمريض الحق في الإفطار،فعلى سبيل المثال، يقول ابن قدامة في مؤلفه “المغني” “أجمعَ أهلُ العِلمِ على إباحةِ الفِطرِ للمَريضِ في الجملةِ”،وبالتالي، يعد التصريح بإباحة الفطر للمريض من المسلمات في الفقه الإسلامي،ويُستشهد في هذا الصدد بعدد من الآيات القرآنية التي تؤكد أن العذر المبيح للفطر يتضمن بالطبع المرض، حيث ورد في الآية الكريمة “أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ” (البقرة 184).
مستوى المرض الذي يبيح الفطر
لقد أشار الفقهاء إلى عدة مستويات للمرض التي تبيح الفطر،يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع الأول هو المرض الذي يزيد بسبب الصوم، فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص يعاني من مرض يؤلمه أو يشق عليه الصيام، فإن له الحق في الإفطار،أما النوع الثاني فهو المرض الذي قد يؤدي إلى الموت، حيث يكون الفطر واجباً في هذه الحالة،والأخير هو المرض اليسير، والذي لا يؤثر على قدرة الفرد على الصيام، وبالتالي فإن الإفطار لا يكون مبرراً هنا.
بعد الشفاء من المرض
ينبغي على المسلم الذي أفطر بسبب المرض قضاء ما فاته من أيام بعد شفائه،وقد أكد العلماء على أن ذلك يتماشى مع قوله تعالى “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”، مشدّدين على ضرورة الالتزام بهذا الحكم.
حكم المريض الذي لا يرجى برؤه
أما بالنسبة للمريض الذي لا يُرجى شفاؤه، فقد أجمعت المذاهب الأربعة على وجوب أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكينًا،ويستند هذا الحكم إلى ما ورد في الآية الكريمة “وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين”.
فطر المسافر
يمثل المسافر الفئة الثانية التي ينطبق عليها حكم الفطر في رمضان،وتوحد الفقهاء في التأكيد على أن المسافر مخير في إفطاره، حيث إن أحكام السفر تسري على المسلمين،وقد أورد الفقهاء الكثير من الأدلة التي تُبرز مشروعية هذا الحكم، ومن بين تلك الأدلة قوله تعالى “فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”.
حكم صوم المسافر الذي لا يلحقه بصومه مشقة
أجمع الفقهاء على مسألة أن المسافر الذي لا يشعر بأي مشقة يمكنه أن يصوم، لكن يجب أن يُعتبر ذلك الخيار متروكًا له، فبعض العلماء يرون أن الفطر في هذه الحالة هو الأفضل.
فطر كبار السن
توجد أيضاً أحكام خاصة لكبار السن، الذين لا يستطيعون الصيام بسبب الظروف الصحية،وقد تفرد الفقهاء حول حكم الإفطار لهم، حيث اتفقوا على أنه يحق لهم الإفطار، ويتوجب عليهم كفارة عن كل يوم يفطرونه.
فطر الحامل والمرضع
الحوامل والمرضعات يُعتبرن من الفئات الخاصة التي يُسمح لها بالإفطار،فإن شعرتا بضرورة الحفاظ على صحة الجنين أو الرضيع، فإن الفطر يعد خيرًا لهما، ويتمّ قضاؤه لاحقًا.
فطر الحائض والنفساء
من المعلوم أن الحائض والنفساء غير مأمورات بالصيام، بل يجب عليهن الإفطار وعليهن قضاء الأيام التي أفطرنها بعد انتهاء رمضان.
حالات خاصة
تتضمن حالات خاصة من يُباح لهم الفطر في رمضان، مثل من يحتاج إلى مساعدة إنقاذ الآخرين،إن هذه الاستثناءات تؤكد على المرونة في تطبيق الأحكام الشرعية، إذ إن بعض الظروف تستدعي اتخاذ قرارات تضمن الحفاظ على الأرواح.
في الختام، نجد أن موضوع الإفطار في شهر رمضان يتضمن آراء فقهية متعددة تعتمد على الأعذار الشرعية وأحكام الشريعة الإسلامية،من المهم أن يتفهم المسلمون هذه الأحكام لضمان صحتهم وسلامتهم خلال العبادة،إن رحمة الإسلام تتجلى في تقديم الرخص للحالات التي تحتاج لاجتهاد فردي،ومن هنا، يتعين على المسلمين ة الفقهاء والتواصل مع الجهات المختصة للحصول على الفتاوى بما يتناسب مع أحوالهم الخاصة.