محكمة بورسعيد تؤكد الحسم بقضايا التعدي رغم التنازل.. والسجن المشدد للمتهمين

أصدرت محكمة جنايات مستأنف بورسعيد، برئاسة المستشار عادل سليمان نافع وعضوية المستشارين أسامة أبو زيد ووائل الشوربجي، حكمين جديدين بالسجن المشدد سبع سنوات لكل متهم، في قضيتين منفصلتين تتعلقان بهتك عرض طفلتين، وذلك رغم تقديم ذوي الضحيتين تصالحًا رسميًا وتنازلًا عن الاتهام. الأحكام تأتي تأكيدًا لنهج قضائي صارم في التعامل مع جرائم التعدي الجنسي على الأطفال، وترسيخًا لفكرة أن الحق العام لا يسقط بالتصالح، خاصة في الجرائم التي تمس الفئات الأضعف في المجتمع.

 

في القضية الأولى، رقم ١٣٤٤ لسنة ٢٠٢٤ جنايات جنوب ثاني، والمقيدة برقم ٦٢٨٢ لسنة ٢٠٢٤ كلي بورسعيد، أدين المتهم أحمد حامد سلامه أحمد سلامه بهتك عرض الطفلة جنى أحمد محمد أحمد، التي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، بعد أن قام باستدراجها ومعاشرتها دون رضاها. استندت المحكمة في حكمها إلى أقوال المجني عليها، وشهادات الشهود، وتقرير الطب الشرعي، وتحريات الشرطة. ورغم التصالح المقدم من أسرة الطفلة، اعتبرت المحكمة ذلك ظرفًا مخففًا دون أن يؤثر على مسؤولية المتهم، وأصدرت حكمها بالسجن المشدد سبع سنوات، مع إلزامه بالمصروفات الجنائية.

 

وفي القضية الثانية، رقم ٤٤٥٨ لسنة ٢٠٢٤ جنايات الضواحي، والمقيدة برقم ٩٨٦ لسنة ٢٠٢٤ كلي بورسعيد، قضت المحكمة بالسجن المشدد سبع سنوات بحق المتهم مؤمن محمد بدوي توفيق، بعد إدانته بجنايتي خطف طفلة بالتحايل وهتك عرضها بالقوة. وتوصلت التحقيقات إلى قيام المتهم باستدراج الطفلة ألين أسامة السيد العربي إبراهيم إلى مسكنه وملامسة مناطق حساسة من جسدها، في واقعة موثقة بأقوال الطفلة وشهادات الشهود وتحقيقات النيابة العامة. ورغم التنازل المقدم من الأسرة، أصرت المحكمة على توقيع العقوبة المشددة، مؤكدة أن هذه النوعية من الجرائم لا تُواجه إلا بالحسم القانوني الكامل.

 

أشارت المحكمة في حيثيات الحكمين إلى أن الصلح في مثل هذه الجرائم لا يغيّر من كيان الجريمة ولا يمس الحق العام، موضحة أن الصلح يُعامل كعامل تخفيف، دون أن يُعفي المتهمين من المسؤولية الجنائية. واعتبرت المحكمة أن هذه الوقائع تمثل خطرًا حقيقيًا على المجتمع وعلى أمن الأطفال، ولا يجوز التراخي أو التهاون معها حتى في ظل محاولات الصلح العائلي أو المجتمعي.

 

تعكس هذه الأحكام توجهًا قضائيًا راسخًا يرفض أي تبرير اجتماعي أو عرفي للتعدي على القُصَّر، ويؤكد أن حماية الطفولة مسؤولية الدولة بأجهزتها كافة، وفي مقدمتها القضاء. كما تعيد إلى الواجهة النقاش حول الحاجة إلى تطوير ثقافة الوعي القانوني داخل المجتمع، لا سيما ما يتعلق بالجرائم الجنسية ضد الأطفال، ورفض أي محاولات لتطبيعها أو طمسها من خلال التسويات الودية، في ظل تنامي هذا النوع من الجرائم، 
تبقى الأحكام القضائية الصارمة إحدى أهم أدوات الردع وحماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع المصري.