تأتي زيارة الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى دولة قطر كجزء من تحركات دبلوماسية نشطة تهدف إلى استعادة موقع لبنان على الساحة العربية والإقليمية، وذلك في توقيت دقيق تمر فيه الدولة اللبنانية بتحديات سياسية وأمنية واقتصادية كبرى.
كما تأتي هذه الزيارة بعد محطات دبلوماسية مهمة، من بينها زيارته إلى السعودية مطلع مارس الماضي ، ثم مشاركته في القمة العربية الطارئة في القاهرة في الرابع من الشهر نفسه، في مؤشر واضح على رغبة القيادة اللبنانية في إعادة لبنان إلى محيطه الطبيعي بعد سنوات من العزلة والانقسامات الداخلية.
قال محمد مصطفى أبو شامة مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر، إنّ هذه الزيارات لا تأتي في سياق بروتوكولي فقط، بل تحمل رسائل واضحة حول سعي الدولة لإعادة ترميم علاقاتها الخارجية والاستفادة من الدعم العربي لإعادة بناء المؤسسات اللبنانية التي تضررت بفعل أزمات متراكمة، أبرزها الأزمة السياسية المتفاقمة، والانهيار الاقتصادي، والانقسام الداخلي الذي بلغ ذروته في السنوات الأخيرة، لافتًا، إلى أنّ أزمة لبنان ممتدة لعقود.
أضاف “أبو شامة”، في تصريحات مع الإعلامية مارينا المصري، مقدمة برنامج “مطروح للنقاش”، عبر قناة “القاهرة الإخبارية”، أنّ الدولة اللبنانية تسعى، منذ اتفاق الهدنة أواخر نوفمبر الماضي، إلى تثبيت الاستقرار والابتعاد عن سياسة المحاور، في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية التي لم تتوقف، حيث تستغل تل أبيب الوضع الهش في الداخل اللبناني للقيام بعمليات عسكرية متفرقة تحت ذرائع مرتبطة بمحاربة حزب الله ومنع وصول أي إمدادات له.
تابع، أن الجيش اللبناني يحاول بقدر الإمكان فرض سيطرته على الجنوب اللبناني، رغم محدودية الإمكانيات والتحديات التي يواجهها، خاصة فيما يتعلق بسلاح المقاومة.
واصل: “إسرائيل تستفيد بشكل كبير من تفكك الوضع الداخلي اللبناني، سواء من خلال استمرار وجودها في خمس نقاط خلافية داخل الأراضي اللبنانية، أو عبر استغلال القرارات الدولية للضغط على الدولة اللبنانية، ومحاولة تقليص نفوذ حزب الله، لا سيما بعد العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة التي أفضت إلى تصفية عدد من قياداته البارزة في سبتمبر الماضي، وعلى رأسهم حسن نصر الله”.
أكد، أن لبنان لا يزال أمامه طريق طويل للخروج من أزماته المتراكمة، مشيرًا إلى أن قضية سلاح المقاومة، سواء المرتبط بحزب الله أو الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات، ستظل إحدى أبرز نقاط الخلاف الداخلي، والتي من شأنها التأثير على مستقبل الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
أتم، بأن التحركات الإقليمية التي يقودها الرئيس جوزيف عون تمثل نافذة أمل في إعادة التوازن للدولة اللبنانية، لكنها وحدها لا تكفي دون توافق داخلي حقيقي.