حرب نتنياهو وحده.. الجيش الإسرائيلي يواجه أكبر أزمة رفض منذ عقود

في عام ١٩٧٣، قيل في إسرائيل إن جولدا مائير غير كفوءة، وأنها ارتكبت أخطاء، لكن لم يشك أحد في ولائها، و خلال حرب لبنان الأولى، كانت هناك شكوك حول ولاء أرئيل شارون ومناحيم بيجن، لكن ذلك كان هامشيًا، الآن، وخاصةً في ضوء قضية “قطر جيت”، أصبح  الأسرائيليون مقتنعين بأن نتنياهو مستعد لتدمير الدولة لتحقيق مكاسب شخصية.

في إسرائيل يواجه الجيش أكبر أزمة رفض لحقت به،  والإسرائيليون يخشون التورط في إسقاط الجيش لأن ذلك سيجعلهم متواطئين، ويجبرهم بيبي على خيارٍ مُريع، مهما فعلت، ستكون مُتواطئًا في جريمة، إما جريمة الإبادة الجماعية أو جريمة تفكيك الدولة.

خلال الأسابيع الأخيرة، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بانخفاض ملحوظ في أعداد الجنود الملتحقين بخدمة الاحتياط، ورغم أن الأرقام الدقيقة تُعدّ سرًا محفوظًا، أبلغ الجيش وزير الدفاع يسرائيل كاتس في منتصف مارس، أن نسبة الحضور بلغت 80%، مقارنةً بنحو 120% مباشرةً بعد 7 أكتوبر. 

تجنيد عبر وسائل التواصل الإجتماعي

ووفقًا لقناة “كان” ، وهي هيئة الإذاعة الوطنية الإسرائيلية، فإن هذا الرقم مُزيّف: فالمعدل الحقيقي أقرب إلى 60%، وتشير تقارير أخرى إلى أن نسب الحضور بلغت 50% أو أقل، حيث لجأت بعض وحدات الاحتياط إلى محاولة تجنيد جنود عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

في بداية الحرب، صرّح الجيش بتجنيد حوالي 295 ألف جندي احتياطي، بالإضافة إلى حوالي 100 ألف جندي في الخدمة النظامية، وإذا صحّت التقارير التي تشير إلى نسبة حضور تتراوح بين 50 و60% في صفوف الاحتياط، فهذا يعني أن أكثر من 100 ألف شخص قد توقفوا عن أداء الخدمة الاحتياطية.

الرافضين الرماديين 

و أفادت التقارير أن الجنود الإسرائيليون في بداية الأمر  أثناء الحرب على غزة كانوا يشعرون بالإنتصار، لكن هذا الشعور قد تلاشى مع الوقت، و يبدو أن غالبية من يتحدون أوامر التجنيد هم ممن يُعرفون بـ”الرافضين الرماديين” ،  أشخاص ليس لديهم أي اعتراض أيديولوجي حقيقي على الحرب، بل أصيبوا بالإحباط أو التعب أو الضجر من طول أمدها. إلى جانبهم، هناك أقلية صغيرة، لكنها متنامية، من جنود الاحتياط الذين يرفضون التجنيد لأسباب أخلاقية. 

جنود من أجل الرهائن

وفقاً لتصريحات الجندي الإسرائيلي يوفال جرين في مجلة 972 الإسرائيلية، الذي رفض الاستمرار في الخدمة في غزة بعد مخالفة أمر بإحراق منزل فلسطيني ، والذي يقود الآن حركة مناهضة للحرب تسمى ” جنود من أجل الرهائن ” والتي تضم 220 جندي احتياطي وقعوا على بيان رفض.

و هناك عدد متزايد من الإسرائيليين الذين قد لا يكترثون بالضرورة للفلسطينيين، لكنهم لم يعودوا يشعرون بالارتياح تجاه أهداف الحرب على غزة.

مخاوف إقتصادية 

أوضحت يائيل بيردا ، عالمة الاجتماع في الجامعة العبرية والناشطة اليسارية، أن تراجع الرغبة في الالتحاق بخدمة الاحتياط ينبع في المقام الأول من المخاوف الاقتصادية. 

وأشارت إلى استطلاع حديث أجرته دائرة التوظيف الإسرائيلية، والذي وجد أن 48% من جنود الاحتياط أفادوا بخسارة كبيرة في الدخل منذ 7 أكتوبر، وأن 41% أفادوا بفصلهم أو إجبارهم على ترك وظائفهم بسبب فترات خدمتهم الطويلة في الاحتياط. 

 

الهجرة العكسية 

 

 كما أضافت، في إسرائيل لا يعرفون إلى أين يتجه هذا الوضع، حيث أن هناك إقبال شديد على استخراج  جوازات السفر الأجنبية،   والبحث عن أماكن “أفضل” للهجرة إليها.

الرفض الإيدلوجي 

 

فيما يتعلق بالرفض الأيديولوجي، تُحدد بيردا عدة فئات، وأوضحت: “أحد أنواع الرفض ينبع من “ما يشاهد في غزة”، ولكنه أقلية”، “وهناك نوع آخر يتمثل في فقدان الثقة بالقيادة، خاصةً عندما لم تبذل الحكومة كل ما في وسعها لإعادة الرهائن، هناك فجوة هائلة بين ما قالته الحكومة وما نفذته بالفعل، وهذه الفجوة تُفقد الناس الثقة”.

 

وتابعت بيردا قائلةً إن هناك فئةً أخرى تتمثل في “الاشمئزاز من خطاب التضحية” الذي يروج له اليمين المتطرف الديني، بقيادة أمثال إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. 

وأوضحت بيردا: “إنه نوع من رد الفعل العنيف على رواية المستوطنين القائلة بأنه من الجيد التضحية بالحياة من أجل شيء أكبر”، “يتفاعل الناس مع فكرة أن الجماعة أهم من الفرد.

في حين أشارت بيردا إلى أن تهديدات الرفض كانت جزءًا رئيسيًا من الاحتجاجات المناهضة للحكومة عام ٢٠٢٣، مؤكدة أنه “بعد انهيار وقف إطلاق النار، يمكن القول إن حركة الاحتجاج بأكملها تعارض استمرار الحرب على أساس أنها حرب نتنياهو وحده.