في لحظات، يمكن أن ينهار كل شيء، تتحول الأحلام إلى كوابيس، وتصبح الثقة سلاحًا يُستخدم ضدك، محمود محسن أحمد، طالب طب الأسنان في جامعة عين شمس، كان يعيش حياة طبيعية، مستقبله مرسوم بدقة، وطموحه لا يعرف الحدود. لكنه لم يكن يعلم أن مجرد رسالة عبر “واتساب” ستحوله من شاب طموح إلى ضحية محاصرة بين الخوف والتهديد.
كل شيء بدأ بدعوة من فتاة تعرف عليها منذ ثلاثة أشهر، بدت دعوة بريئة، لقاء عابر، لكن ما كان ينتظره خلف ذلك الباب في مول الأردنية لم يكن سوى فخ محكم، مخطط بإتقان، ليجرده من كرامته، أمانه، وحتى مستقبله.
الفخ المحكم
في تلك الليلة المشؤومة، وصل محمود إلى الشقة حيث استقبلته أميرة، لكن المفاجأة كانت بانتظاره؛ فتاتان أخريان كانتا برفقتها، ما أثار بعض الشكوك داخله، لكنه لم يتخيل أن الأسوأ لم يبدأ بعد.
دقائق قليلة مرت قبل أن يُفتح الباب فجأة، ويدخل رجلان، أحدهما ادّعى أنه مالك الشقة، والآخر منتحل شخصية ضابط.
“لم أستطع استيعاب ما يجري.. فجأة وجدت نفسي محاصرًا، أحدهم بدأ بتصويري، والآخر يشهر السلاح في وجهي، ولم أكن قادرًا على الحركة أو التفكير”، هكذا وصف محمود اللحظة التي تحولت فيها حياته إلى جحيم.
تهديد وإذلال وسرقة تحت الإكراه
لم يكن لدى محمود أي فرصة للهروب. أجبره الرجلان تحت تهديد السلاح الأبيض على توقيع ثلاثة إيصالات أمانة دون أن يتمكن حتى من قراءتها. لم يكن الأمر مجرد سرقة، بل كان إذلالًا متعمدًا. “كل شيء كان محسوبًا.. شعرت أنني مجرد فريسة محاصرة لا حول لها ولا قوة”.
لكن الكابوس لم ينتهِ عند هذا الحد. أُجبر محمود على ركوب سيارة “أوبر” برفقة الجناة متجهين إلى منزله في حدائق القبة. هناك، استولوا على جواز سفره، إقامته الإماراتية، جهازه اللوحي، سماعته، زجاجة عطر، ومبلغ 4000 جنيه مصري. قبل مغادرتهم، حذروه: “غدًا في الصباح نريد 5000 دولار.. وإلا ستُنشر صورك”.
القرار المصيري
بمجرد أن أصبح حراً، كان أمام محمود خياران: الاستسلام والخضوع لمطالبهم، أو مواجهة الموقف بشجاعة. رغم الصدمة والخوف، اختار الخيار الثاني. ذهب إلى قسم الشرطة، وروى تفاصيل محنته، وأصر على تقديم بلاغ رسمي ضد الجناة. “كنت خائفًا، لكنني أدركت أن الصمت لن ينقذني.. إنهم سيواصلون ابتزازي إن لم أفعل شيئًا”.
بدأت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها، وتم ضبط المتهمين سريعًا. لكن، في مفاجأة غير متوقعة، ادعت أميرة أن محمود اعتدى عليها، ليجد نفسه في قلب معركة قانونية غير متوقعة.
النهاية التي لم يكن يتوقعها
تم الإفراج عن جميع المتهمين بكفالة، لكن القضية لم تنتهِ بالنسبة لمحمود. خرج من هذه التجربة إنسانًا آخر، ليس فقط متضررًا نفسيًا، بل مدركًا لحقيقة مؤلمة: أحيانًا، لا يكون الضحية هو المنتصر.