تصاعدت أحداث مسلسل “لام شمسية” في الحلقتين 11 و12، حيث كشف الطفل يوسف لوالديه عن مأساة التحرش التي تعرض لها، وذلك بعد عدة جلسات مع الطبيب النفسي. جاء اعترافه ليكشف تفاصيل صادمة حول استدراجه، الأمر الذي قلب الأحداث رأسًا على عقب، ودفع الجميع لمواجهة حقيقة قاسية كانت مخفية لسنوات.
لم يكن تأثير هذه الاعترافات مقتصرًا على عائلته فقط، بل امتد ليُحدث زلزالًا في حياة الشخصيات الأخرى، حيث لجأت نيللي إلى مواقع التواصل الاجتماعي وفضحت اسم المتحرش، مما أدى إلى صدمة ابنته، بينما حاولت والدته دفعه للعلاج، لكنه رفض وألقى باللوم عليها، مؤكدًا أن طفولته كانت السبب في تحوله إلى شخص يعاني من اضطرابات نفسية.
المسلسل لم يطرح مجرد قصة درامية، بل سلّط الضوء على قضية حقيقية يعاني منها العديد من الأطفال، وهي غياب الدعم الأسري، والخوف من الحديث عن المشكلات التي تواجههم، خاصة عندما تكون متعلقة بالتحرش أو العنف.
لماذا يخاف الأطفال من الاعتراف؟
في مجتمعنا، لا تزال هناك فجوة بين الأطفال وأهلهم، حيث يخشى الطفل من العقاب أو اللوم، حتى عندما يكون هو الضحية. المشكلة ليست في الطفل، بل في الطريقة التي يتعامل بها الأهل مع حديثه.
عندما يتعرض طفل لموقف صعب ويحاول مشاركته مع والديه، فإن رد الفعل هو العامل الأساسي الذي سيحدد ما إذا كان سيشعر بالأمان ليكرر ذلك أم سيختار الصمت للأبد.
على سبيل المثال، إذا عاد الطفل من المدرسة وقال لوالده: “يا بابا، العيال ضربوني النهارده عشان ما رضيتش أديهم السندوتشات”.
فإذا جاء رد الأب على النحو التالي:
“إنت مش راجل!”
“أنا ما عرفتش أربي!”
“هتفضل ضعيف طول عمرك!”
فهذا لن يؤدي إلا إلى فقدان الثقة بين الطفل وأهله، وسيتجنب الحديث عن أي مشكلة أخرى، حتى لو كانت أكبر وأخطر.
دور الأب والأم في حماية الطفل
المسؤولية هنا لا تقع على الطفل، بل على الأهل، الذين يجب أن يخلقوا بيئة آمنة لأبنائهم، حتى يثقوا فيهم ويلجؤوا إليهم عند الحاجة. هناك عدة طرق لتحقيق ذلك:
1. الاستماع دون لوم أو توبيخ: عندما يتحدث الطفل، يجب على الأهل أن يستمعوا إليه بهدوء، وألّا يسارعوا بإلقاء اللوم عليه.
2. تعليم الطفل حماية نفسه: يجب على الأهل أن يعلموا أطفالهم أن هناك حدودًا لا يجب لأحد تجاوزها، سواء في التعامل الجسدي أو اللفظي.
3. عدم استخدام العنف اللفظي أو الجسدي: الطفل الذي يتعرض للإهانة من والديه سيفقد الثقة بهم، وسيفضل الاحتفاظ بمشكلاته لنفسه.
4. تعزيز الثقة بين الطفل وأهله: يجب أن يشعر الطفل أن أهله هم مصدر الأمان، وليس الخوف أو العقاب.
“لام شمسية”.. رسالة مجتمعية قبل أن تكون دراما
المسلسل لا يكتفي بعرض قصة، بل يوجه رسالة واضحة للمجتمع حول أهمية دعم الأطفال وحمايتهم من العنف والتحرش، كما يؤكد على دور الأهل في بناء جسور الثقة بينهم وبين أبنائهم.
الطفل الذي يجد من يصدقه سينجو، أما الذي يُقابل بالتشكيك والصمت، فقد يضيع وسط دوامة من الخوف والخذلان. فهل سنسمع هذه الرسالة ونتعلم منها؟