قد يعتقد المهتمون بسياسات الحكومة الحالية في قطاع التعليم أن رؤيتها للإصلاح تُعدّ فريدة ومبتكرة. إلا أن نظرة إلى التاريخ تذكرنا بتجربة الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي بدأ مع مطلع الألفية الثالثة واتخذ نفس التوجهات تقريباً. هذا الميثاق سعى إلى إخراج المدرسة العمومية من أزماتها المزمنة، إلا أن فشل مبادراته السابقة أظهر تحديات جسيمة في تحقيق الإصلاح المنشود. وكما في السابق، تعتمد الحكومة الحالية على إصلاحات قد لا تختلف كثيراً عن تلك التي سبقتها.
ركائز الميثاق الوطني للتربية والتكوين
انطلق الميثاق الوطني من رؤية ترتكز على عدة أسس: تعزيز القيم الروحية للإسلام، تعميم التعليم، إقرار إلزاميته للأطفال بين 6 و16 سنة، ومجانيته مع التركيز على اللغة العربية كمحور أساسي. كما سعى الميثاق إلى إعادة هيكلة منظومة التعليم لضمان تكافؤ الفرص. ومع ذلك، واجهت تنفيذه تحديات كبيرة، خاصة مع افتقار الحكومة الأولى للزمن الكافي لتحقيق هذه الأهداف الطموحة.
إرهاصات دمج التعليم الأولي بالابتدائي
كان دمج التعليم الأولي مع التعليم الابتدائي أحد أبرز أهداف الميثاق، حيث كان من المقرر إنشاء سيرورة تربوية مدتها 8 سنوات. ومع ذلك، فشلت محاولات تعميم التعليم الأولي وتحقيق هذا الاندماج. بحسب الخبير التربوي عبد الناصر الناجي، فإن الطموحات الكبيرة للميثاق لم تكن واقعية في الإطار الزمني المحدد، مما أدى إلى إخفاقات واضحة في هذا المجال.
جدل تعريب التعليم
تصدر موضوع لغة التدريس نقاشات حول الميثاق، حيث أكد على أهمية اللغة العربية لكنه لم يحسم الأمر بشكل نهائي. ففي حين تم وضع خطط لتحسين تدريس اللغة العربية، بقي التعليم العالي معتمداً بشكل كبير على اللغات الأجنبية، مما أثار تساؤلات حول مصير سياسة التعريب. هذه التحديات أظهرت أن الإصلاحات التعليمية تتطلب وقتاً وجهوداً أكبر من المتوقع.
في النهاية، فإن إصلاح التعليم في المغرب ما زال يواجه تحديات كبيرة. ما بين الطموحات الكبيرة والواقع المتأزم، يبقى السؤال حول كيفية تحقيق الإصلاحات المنشودة دون تكرار أخطاء الماضي.