تابع حزب العدل التصريحات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء بشأن التوجه الحكومي لرفع الدعم عن المحروقات بنهاية عام 2025، وإذ يدرك الحزب التداعيات الاقتصادية لهذا القرار؛ فإنه يعرب عن بالغ القلق إزاء انعكاساته السلبية على أسعار الطاقة، وما سيترتب عليه من آثار تطال كافة السلع والخدمات، مما يزيد من الأعباء على المواطنين.
الحكومة تسارع في تنفيذ توصيات المؤسسات المالية الدولية
إن هذا القرار يمثل تناقضاً واضحاً مع التصريحات الرسمية السابقة التي أكدت على عدم المساس بأسعار الوقود طالما ظلت مستقرة عالميًا. كما أنه لا يأخذ في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، حيث لا يزال المواطنون يعانون من ضغوط تضخمية ممتدة استنزفت دخولهم ومدخراتهم. ومع ظهور بوادر استقرار نسبي في الأسعار، يأتي هذا القرار ليضيف عبئاً جديداً على الأسر المصرية، عبر زيادات متوقعة في تكاليف النقل والطاقة وكافة مدخلات الإنتاج.
والمفارقة أن الحكومة تسارع في تنفيذ توصيات المؤسسات المالية الدولية فيما يخص إزالة الدعم، لكنها تتجاهل توصيات أخرى بنفس الأهمية، مثل تقليص الدور الحكومي في الاقتصاد، وتعزيز بيئة تنافسية عادلة لنمو القطاع الخاص، وضبط الإنفاق العام، وتحقيق العدالة الضريبية دون منح امتيازات غير مبررة للكيانات الاقتصادية التابعة للدولة. وهو ما يعكس نهجاً انتقائياً في الإصلاح الاقتصادي، حيث يتحمل المواطن وحده تكلفة تلك الإجراءات، بينما تظل الامتيازات الحكومية بمنأى عن أي إعادة هيكلة، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى التوازن في السياسات الاقتصادية المتبعة.
ويؤكد حزب العدل أن أي إصلاح اقتصادي لا يمكن أن يقتصر على تقليص النفقات عبر إلغاء الدعم، بل يجب أن يكون جزءاً من رؤية متكاملة تشمل تحفيز الاستثمار، وتعزيز الشفافية والحوكمة، وإرساء قواعد المنافسة العادلة، وإصلاح المنظومة الضريبية بما يحقق العدالة الاجتماعية، وضبط أولويات الإنفاق الحكومي. أما انتهاج سياسات تحميل الفئات المتوسطة والضعيفة وحدها أعباء الإصلاح، مع الإبقاء على الامتيازات غير المبررة للقطاع العام والهيئات الاقتصادية الحكومية، فإنه يمثل إخلالاً واضحاً بمبادئ العدالة الاجتماعية، ويفرغ السياسات الإصلاحية من معناها ومستهدفاتها، بل ويضع علامات استفهام حول جدوى العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها.
لذا، يدعو حزب العدل الحكومة إلى مراجعة سياستها الاقتصادية، والقرارات أحادية الأثر، والبحث عن بدائل تضمن تحقيق التوازن بين متطلبات الإصلاح المالي وحماية الفئات الأكثر تضرراً، بما يشمل إصلاح هيكل الأجور، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، ودعم تنافسية الاقتصاد الوطني. فالمواطن المصري ليس مجرد رقم في معادلات ترشيد الإنفاق، بل هو حجر الأساس لأية عملية إصلاح اقتصادي ناجحة ومستدامة.