في واحدة من أبشع جرائم العنف الأسري التي هزّت الرأي العام، لقيت مرام أسامة مصرعها بعد تعرضها لاعتداء وحشي على يد زوجها رجل الأعمال، مما تسبب في إصابتها بجروح خطيرة انتهت بوفاتها داخل المستشفى بعد معاناة طويلة مع المضاعفات الصحية.
بدأت القصة عندما نُقلت الضحية إلى المستشفى في حالة صحية حرجة، وأظهرت الفحوصات تعرضها لضرب مبرح أدى إلى إصابات قاتلة. التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة كشفت تفاصيل صادمة عن العنف الذي مورس عليها قبل وفاتها، وسلطت الضوء على علاقتها بزوجها والظروف التي أدت إلى وقوع الجريمة.
تفاصيل الواقعة
وفقًا لشهادة طبية صادرة عن مستشفى نسيم بتاريخ 11 أبريل 2024، وصلت الضحية إلى المستشفى في الساعة 10:02 صباحًا وهي تعاني من كدمات متعددة في ظهرها، كتفيها، رقبتها وساقيها، إضافة إلى ضيق حاد في التنفس، حيث كان مستوى تشبع الأكسجين لديها 80%، ومعدل ضربات قلبها 133 نبضة في الدقيقة، وضغط الدم 80/120، في البداية، ذكرت الضحية أنها تعرضت لحادث سيارة قبل أسبوع، لكن الأطباء اشتبهوا في وجود إصابات ناتجة عن اعتداء بدني عنيف، وليس حادث مروري.
بعد خضوعها للفحوصات الطبية، أظهرت الأشعة السينية وتحاليل الدم والفحوصات الإشعاعية أنها تعاني من التهاب رئوي حاد، انصباب صديدي بلوري، وفشل تنفسي حاد، مما استدعى نقلها إلى وحدة العناية المركزة على الفور.
الفحوصات الطبية والتدخلات الجراحية
بعد إجراء مزيد من الفحوصات، تبين أن الضحية تعاني من ثلاثة جروح طولية في البلعوم، امتدت من البلاعيم الرخو إلى الحنجري بطول 6 سم، بالإضافة إلى كسر في الزاوية العلوية اليمنى للغضروف البلعومي. كما اكتشف الأطباء وجود تراكم للهواء في الرقبة والقصبة الهوائية، وهو ما يشير إلى تعرضها للخنق العنيف.
تم التدخل جراحيًا لإصلاح الجروح، حيث أجريت لها عدة عمليات شملت: إصلاح التمزقات في البلعوم العلوي والحنجرة، تركيب طرف اصطناعي لتعويض الضرر الناجم عن الإصابات.
إنشاء سديلة بلعومية خارجية لتصريف التقيح داخل البلعوم، بالرغم من المحاولات الطبية لإنقاذها، استمرت حالتها في التدهور حتى فارقت الحياة متأثرة بجراحها.
شهادة صديقة الضحية وكشف الحقيقة
في سياق التحقيقات، استدعت النيابة العامة صديقة الضحية للإدلاء بشهادتها حول علاقة مرام أسامة بزوجها والأحداث التي سبقت الجريمة. ذكرت الصديقة أنها تعرف الضحية منذ 20 عامًا، حيث كانتا صديقتين منذ الدراسة في مدرسة حورس بمدينة نصر، وأن الضحية كانت تعيش في كندا قبل أن تعود لمصر.
أوضحت الصديقة أن مرام تزوجت من زوجها السابق “حسام” أثناء دراستها الجامعية، وأنجبت منه ابنتين (زينة وزهرة)، لكنهما انفصلا بعد 7 سنوات بسبب مشكلات مع أسرته وتدخلهما المستمر في حياتهما، بالإضافة إلى أنه كان يتعاطى المخدرات.
بعد الانفصال، بدأت الضحية في التعرف على أشخاص جدد، وكان من بينهم الجاني معتز، الذي تعرفت عليه عبر تطبيق Bumble. في البداية، بدت العلاقة طبيعية، لكن مع الوقت بدأت تظهر علامات القلق، حيث رأت صديقتها بعض أصدقائها وهم يشاهدونه في حفلات وهو يتعاطى المخدرات، مما زاد من مخاوفها تجاهه.
أكدت الصديقة أن الضحية لم تكن تتحدث كثيرًا عن علاقتها بـ”معتز”، لكنها لاحظت أنها بدأت تنعزل عن محيطها الاجتماعي. وفي آخر لقاء بينهما، شاهدتها تنشر صورة مع معتز في إحدى الحفلات، وبعدها بعدة أيام، وقع الحادث المأساوي.
كيف تم كشف الجريمة؟
أثناء تواجد الضحية في المستشفى، قامت بكتابة رسالة على السبورة داخل غرفتها، أخبرت فيها الطبيب المعالج وأصدقاءها بأن زوجها هو من اعتدى عليها وحاول قتلها. كانت هذه الرسالة دليلاً حاسمًا في توجيه أصابع الاتهام نحو الزوج، مما دفع الأجهزة الأمنية إلى التحرك فورًا.
تحقيقات النيابة وقرار الاتهام
بناءً على الأدلة الطبية وشهادة الصديقة، بدأت النيابة العامة تحقيقاتها، وأكدت التقارير أن الزوج كان متورطًا في الاعتداء على الضحية مما تسبب في إصابتها القاتلة. وبعد مراجعة الأدلة، وجهت النيابة للمتهم تهم القتل العمد، الضرب المفضي إلى الموت، والخنق العمد.
تحركت قوات الأمن بسرعة إلى المستشفى، وتم إلقاء القبض على الجاني وإحالته للتحقيق، حيث اعترف خلال الاستجواب بتفاصيل الاعتداء، لكن حاول التذرع بأنها إصابات عرضية. ومع ذلك، أكدت الأدلة والفحوصات الطبية أن العنف الذي تعرضت له الضحية لم يكن مجرد حادث عرضي، بل كان نتيجة اعتداء وحشي ومتعمد.
تكشف هذه الجريمة المروعة عن مدى خطورة العنف الأسري، خاصة عندما يصل إلى حد التسبب في الوفاة. سلطت هذه القضية الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمواجهة العنف ضد المرأة، وفرض قوانين رادعة تمنع تكرار مثل هذه المآسي.
فيما تستمر الأجهزة الأمنية والقضائية في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لضمان تحقيق العدالة للضحية، يظل التساؤل قائمًا حول كيفية منع مثل هذه الجرائم مستقبلاً، وتعزيز الوعي حول مخاطر العنف الأسري والعلاقات السامة.